مِثْلُ قَوْلِ مُعَاذٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَفِيهِ زِيَادَةٌ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ هَمَّتْهُمُ الدِّرَايَةُ، وَأَنَّ السُّفَهَاءَ هَمَّتْهُمُ الرِّوَايَةُ. وَرُوِيَ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا، وَعَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ فِي نَظْمِهِ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ وَشَرَفِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ الْغَرَّاءِ:
ان العلوم وإن جلت محاسنها | فتاجها مَا بِهِ الْإِيمَانُ قَدْ وَجَبَا |
هُوَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ اللَّهُ يَحْفَظُهُ | وَبَعْدَ ذَلِكَ عِلْمٌ فَرَّجَ الكربا |
فذاك فاعلم حديث المصطفى فبه | نُورُ النُّبُوَّةِ سَنَّ الشَّرْعَ وَالْأَدَبَا |
وَبَعْدَ هَذَا عُلُومٌ لَا انْتِهَاءَ لَهَا | فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ يَا مَنْ آثَرَ الطَّلَبَا |
وَالْعِلْمُ كَنَزٌ تَجِدُهُ فِي مَعَادِنِهِ | يَا أَيُّهَا الطَّالِبُ ابْحَثْ وَانْظُرِ الْكُتُبَا |
وَاتْلُ بِفَهْمٍ كِتَابَ اللَّهِ فِيهِ أَتَتْ | كُلُّ الْعُلُومِ تُدَبِّرُهُ تَرَ الْعَجَبَا |
وَاقْرَأْ هُدِيتَ حَدِيثَ الْمُصْطَفَى وَسَلَنْ | مَوْلَاكَ مَا تَشْتَهِي يَقْضِي لَكَ الْأَرَبَا |
مَنْ ذَاقَ طَعْمًا لِعَلَمِ الدِّينِ سُرَّ به | إذا تزيّد منه قال وا طربا |
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ «١» بَنِي غِفَارٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: إِنَ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَالَ:" أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: إِنَ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ:" أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: إِنَ اللَّهَ يأمرك ان تقرأ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، فَقَالَ:" أَسْأَلُ اللَّهَ معفاته وَمَغْفِرَتَهُ وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ". ثُمَّ جاءه الرابعة فقال: ان الله يأمرك
(١). الاضاء (كحضاة): غدير صغير وقيل: هو مسيل الماء الغدير وهو موضع قريب من مكة فوق سرف. وغفار: قبيلة من كنانة.