وَزَيْدٌ، وَأَبُو زَيْدٍ، [قَالَ «١»]: وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ. وَفِي أُخْرَى قَالَ: مَاتَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا، وَكَانَ بَدْرِيًّا، وَاسْمُ أَبِي زَيْدٍ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ. قَالَ ابْنُ الطَّيِّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَدُلُّ هَذِهِ الْآثَارُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَحْفَظْهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، فَقَدْ ثَبَتَ بِالطُّرُقِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنُ الْعَاصِ. فَقَوْلُ أَنَسٍ لَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ وَأَخَذَهُ تَلْقِينًا مِنْ رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ أَخَذَ بَعْضُهُ عَنْهُ وَبَعْضُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الرِّوَايَاتُ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجْلِ سَبْقِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِعْظَامِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ. قُلْتُ: لَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وسالما مولى أبي حذيفة رضى الله عنهم فِيمَا رَأَيْتُ، وَهُمَا مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ. رَوَى جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الصَّهْبَانِيِّ عَنْ كُمَيْلٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَمَرَرْنَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ هَذَا الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ". فَقِيلَ لَهُ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَمِّ عَبْدٍ، فَقَالَ:" إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ" الْحَدِيثَ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَى قَوْلِهِ:" غَضَّا كَمَا أُنْزِلَ" أَيْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْحَرْفَ الْأَوَّلَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ دُونَ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ الَّتِي رُخِّصَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا بَعْدَ مُعَارَضَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقُرْآنَ إِيَّاهُ فِي كل رمضان. وقد روى وكيع وجماعة مع عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَقْرَأُ؟ قُلْتُ: الْقِرَاءَةُ الْأُولَى قِرَاءَةُ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ، فَقَالَ لِي: بَلْ هِيَ الْآخِرَةُ، إِنَّ رسول الله صلى الله عليهم وَسَلَّمَ كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ الله فعلم ما
نسخ من

(١). زيادة عن البخاري. وقوله: ونحن ورثناه. أي أبا زيد.


الصفحة التالية
Icon