أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" الذِّبَّانُ كُلُّهَا فِي النَّارِ يَجْعَلُهَا عَذَابًا لِأَهْلِ النَّارِ إِلَّا النَّحْلَ" ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي (نَوَادِرِ الْأُصُولِ). وَرُوِيَ عَنِ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ «١»، خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي فِي" النَّمْلِ «٢» " إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ) هذا إذا لم يكن لها مليك «٣». (وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) جعل اللَّهُ بُيُوتَ النَّحْلِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعِ، إِمَّا فِي الْجِبَالِ وَكِوَاهَا، وَإِمَّا فِي مُتَجَوِّفِ الأشجار وام فِيمَا يَعْرِشُ ابْنُ آدَمَ مِنَ الْأَجْبَاحِ «٤» وَالْخَلَايَا وَالْحِيطَانِ وَغَيْرِهَا. وَعَرَشَ مَعْنَاهُ هُنَا هَيَّأَ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يَكُونُ مِنْ إِتْقَانِ الْأَغْصَانِ وَالْخَشَبِ وَتَرْتِيبِ ظِلَالِهَا، وَمِنْهُ الْعَرِيشُ الَّذِي صُنِعَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَمِنْ هَذَا لَفْظَةُ الْعَرْشِ. يُقَالُ: عَرَشَ يعرش ويعرش (بكسر الراء وضمها)، وقرى بِهِمَا. قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِالضَّمِّ وَسَائِرَهُمْ بِالْكَسْرِ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَاصِمٍ. الثَّالِثَةُ- قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَمِنْ عَجِيبِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي النَّحْلِ أَنْ أَلْهَمَهَا لِاتِّخَاذِ بُيُوتِهَا مُسَدَّسَةً، فَبِذَلِكَ اتَّصَلَتْ حَتَّى صَارَتْ كَالْقِطْعَةِ الْوَاحِدَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَشْكَالَ مِنَ الْمُثَلَّثِ إِلَى الْمُعَشَّرِ إِذَا جُمِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا إِلَى أَمْثَالِهِ لَمْ يَتَّصِلْ وَجَاءَتْ بَيْنَهُمَا فُرَجٌ، إِلَّا الشَّكْلَ الْمُسَدَّسَ، فَإِنَّهُ إِذَا جُمِعَ إِلَى أَمْثَالِهِ اتَّصَلَ كَأَنَّهُ كالقطعة الواحدة.
[سورة النحل (١٦): آية ٦٩]
ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٦٩)
(٢). راجع ج ١٣ ص ١٦٩ فما بعد.
(٣). كذا في ى. وفى أ: مالك.
(٤). الاجباح: خلايا النحل في الجبل وفيها تعسل. [..... ]