مَذْمُومٌ شَرْعًا وَالنَّشَاطُ ضِدُّهُ. وَقَدْ يَكُونُ التَّكَبُّرُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مَحْمُودًا، وَذَلِكَ عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ وَالظَّلَمَةِ. أَسْنَدَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانٍ عَنِ ابْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ الْغَيْرَةُ فِي الدِّينِ وَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ الْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ دِينِهِ وَالْخُيَلَاءُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ وَعِنْدَ الصَّدَقَةِ وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُبْغِضُ اللَّهُ الْخُيَلَاءُ فِي الْبَاطِلِ" وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مُصَنَّفِهِ وَغَيْرِهِ. وَأَنْشَدُوا:

وَلَا تَمْشِ فَوْقَ الأرض إلا تواضعا فكم تحتها قوم هموا مِنْكَ أَرْفَعُ
وَإِنْ كُنْتَ فِي عِزٍّ وَحِرْزٍ ومنعة فكم مات من قوم هموا مِنْكَ أَمْنَعُ
الثَّانِيَةُ- إِقْبَالُ الْإِنْسَانِ عَلَى الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ تَرَفُّعًا دُونَ حَاجَةٍ إِلَى ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِيهِ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ وَإِجْرَاؤُهُ لِغَيْرِ مَعْنًى. وَأَمَّا الرَّجُلُ يَسْتَرِيحُ فِي الْيَوْمِ النَّادِرِ «١» وَالسَّاعَةِ مِنْ يَوْمِهِ، وَيُجِمُّ فِيهَا نَفْسَهُ في اطرح وَالرَّاحَةِ لِيَسْتَعِينَ بِذَلِكَ عَلَى شُغْلٍ مِنَ الْبِرِّ، كَقِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ صَلَاةٍ، فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" مَرَحاً" قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِفَتْحِ الرَّاءِ. وَقِرَاءَةُ فِرْقَةٍ فِيمَا حَكَى يَعْقُوبُ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى بِنَاءِ اسْمِ الْفَاعِلِ. وَالْأَوَّلُ أَبْلَغُ، فَإِنَّ قَوْلَكَ: جَاءَ زَيْدٌ رَكْضًا أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِكَ: جَاءَ زَيْدٌ رَاكِضًا، فَكَذَلِكَ قَوْلُكَ مَرَحًا. وَالْمَرَحُ الْمَصْدَرُ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يُقَالَ مَرِحًا. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ) يَعْنِي لَنْ تَتَوَلَّجَ بَاطِنَهَا فَتَعْلَمَ مَا فِيهَا (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا) أَيْ لَنْ تُسَاوِيَ الْجِبَالَ بِطُولِكَ وَلَا تَطَاوُلِكَ. وَيُقَالُ: خَرَقَ الثَّوْبَ أَيْ شَقَّهُ، وَخَرَقَ الْأَرْضَ قَطَعَهَا. وَالْخَرْقُ: الْوَاسِعُ مِنَ الْأَرْضِ. أَيْ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ بِكِبْرِكَ وَمَشْيِكَ عَلَيْهَا. (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا) بعظمتك، أي مقدرتك لَا تَبْلُغُ هَذَا الْمَبْلَغَ، بَلْ أَنْتَ عَبْدٌ ذَلِيلٌ، مُحَاطٌ بِكَ مِنْ تَحْتِكَ وَمِنْ فَوْقِكَ. والمحاط محصور ضعيف، لا يليق بك
(١). في ح:" في اليوم البارد".


الصفحة التالية
Icon