[سورة الإسراء (١٧): آية ٣٩]
ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (٣٩)الْإِشَارَةُ" بِذَلِكَ" إِلَى هَذِهِ الْآدَابِ وَالْقِصَصِ وَالْأَحْكَامِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا هَذِهِ الْآيَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ الَّتِي نَزَلَ بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. أَيْ هَذِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا حِكْمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي عِبَادِهِ، وَخَلْقُهَا لَهُمْ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَالْحِكْمَةِ وَقَوَانِينِ الْمَعَانِي الْمُحْكَمَةِ وَالْأَفْعَالِ الْفَاضِلَةِ. ثُمَّ عَطَفَ قَوْلَهُ" وَلا تَجْعَلْ" عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ النَّوَاهِي. وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ سَمِعَ الْآيَةَ مِنَ الْبَشَرِ. وَالْمَدْحُورُ: الْمُهَانُ الْمُبْعَدُ الْمُقْصَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ «١». وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ ادْحَرْ عَنَّا الشيطان، أي أبعده.
[سورة الإسراء (١٧): آية ٤٠]
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (٤٠)
هَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ مِنَ الْعَرَبِ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وكان هم بَنَاتٌ أَيْضًا مَعَ النَّبِيِّينَ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ: أَفَأَخْلَصَ لَكُمُ الْبَنِينَ دُونَهُ وَجَعَلَ الْبَنَاتِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ. (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً)
أَيْ فِي الإثم عند الله عز وجل.
[سورة الإسراء (١٧): آية ٤١]
وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنا) أي بينا. وقيل كررنا. (فِي هذَا الْقُرْآنِ) قِيلَ:" فِي" زَائِدَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ، مِثْلَ:" وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي «٢» " أي أصلح ذريتي. وَالتَّصْرِيفُ: صَرْفُ الشَّيْءِ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ. وَالْمُرَادُ بِهَذَا التَّصْرِيفِ الْبَيَانُ وَالتَّكْرِيرُ. وَقِيلَ: الْمُغَايَرَةُ، أَيْ غَايَرْنَا بَيْنَ الْمَوَاعِظِ لِيَذَّكَّرُوا وَيَعْتَبِرُوا وَيَتَّعِظُوا. وقراءة العامة" صَرَّفْنا"
(١). راجع ص ٢٣٥ من هذا الجزء.
(٢). راجع ج ١٦ ص ١٩٥.
(٢). راجع ج ١٦ ص ١٩٥.