قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أَيْ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ. (وَما خَلْفَهُمْ) مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا قَالَهُ قَتَادَةُ. وَقِيلَ: يَعْلَمُ مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنْ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ" وَما خَلْفَهُمْ" مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا. ثُمَّ قِيلَ: الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْخَلْقِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) ٢٠: ١١٠ الْهَاءُ فِي" بِهِ" لِلَّهِ تَعَالَى، أَيُّ أَحَدٍ لَا يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا، إِذِ الْإِحَاطَةُ مُشْعِرَةٌ بِالْحَدِّ وَيَتَعَالَى اللَّهُ عَنِ التَّحْدِيدِ. وَقِيلَ: تَعُودُ عَلَى الْعِلْمِ، أَيُّ أَحَدٍ لَا يُحِيطُ عِلْمًا بِمَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الضَّمِيرُ فِي" أَيْدِيهِمْ" وَ" خَلْفَهُمْ" وَ" يُحِيطُونَ" يَعُودُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، أَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَعْبُدُهَا أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ مَا بَيْنَ أيديها وما خلفها.
[سورة طه (٢٠): الآيات ١١١ الى ١١٢]
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ) ٢٠: ١١١ أَيْ ذَلَّتْ وَخَضَعَتْ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَغَيْرُهُ. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَسِيرِ عَانٍ. قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
مَلِيكٌ عَلَى عَرْشِ السَّمَاءِ مُهَيْمِنٌ | لِعِزَّتِهِ تَعْنُو الْوُجُوهُ وَتَسْجُدُ |
وَعَنَا لَهُ وَجْهِي وَخَلْقِي كُلُّهُ | فِي السَّاجِدِينَ لِوَجْهِهِ مَشْكُورَا |
(٢). في ك: الخضوع.