قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً) ٢٠: ١٢٣ خِطَابُ آدَمَ وَإِبْلِيسَ." مِنْها" أَيْ مِنَ الْجَنَّةِ. وَقَدْ قال لإبليس:" اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً" [الأعراف ١٨] فَلَعَلَّهُ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ أُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ. (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) تَقَدَّمَ فِي (الْبَقَرَةِ) «١» أَيْ أَنْتَ عَدُوٌّ لِلْحَيَّةِ وَلِإِبْلِيسَ وَهُمَا عَدُوَّانِ لَكَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ:" اهْبِطا ٢٠: ١٢٣" لَيْسَ خِطَابًا لِآدَمَ وَحَوَّاءَ، لِأَنَّهُمَا مَا كَانَا مُتَعَادِيَيْنِ، وَتَضَمَّنَ هُبُوطُ آدَمَ هُبُوطَ حَوَّاءَ. (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) أَيْ رُشْدًا وَقَوْلًا حَقًّا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي (البقرة) «٢». (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) يَعْنِي الرُّسُلَ وَالْكُتُبَ. (فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) ٢٠: ١٢٣ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أَلَّا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ، وتلا الآية. وعنه: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ هَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَوَقَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُوءَ الْحِسَابِ، ثُمَّ تَلَا الْآيَةَ. (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) ٢٠: ١٢٤
أَيْ دِينِي، وَتِلَاوَةِ كِتَابِي، وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ. وَقِيلَ: عَمَّا أَنْزَلْتُ مِنَ الدَّلَائِلِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ الذِّكْرُ عَلَى الرَّسُولِ، لِأَنَّهُ كَانَ مِنْهُ الذِّكْرُ. (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ٢٠: ١٢٤ أَيْ عَيْشًا ضَيِّقًا، يُقَالُ: مَنْزِلٌ ضَنْكٌ وَعَيْشٌ ضَنْكٌ يستوي فيه الواحد والاثنان والمذكر وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ، قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِنْ يُلْحِقُوا أَكْرُرْ وإن يستحلموا | أَشْدُدْ وَإِنْ يُلْفَوْا بِضَنْكٍ أَنْزِلِ |
إِنَّ الْمَنِيَّةَ لَوْ تُمَثَّلُ مُثِّلَتْ | مِثْلِي إِذَا نزلوا بضنك المنزل |
(٢). راجع ج ١ ص ٣٢٨ فما بعد.