عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، فَأَخْبَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الحرث أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدَّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنٌ لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسُهُ عَلَى فخذه والموسى بيده، [قالت [«١»: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ. قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ] من [«٢» قِطْفَ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ مِنَ الْمَوْتِ لَزِدْتُ «٣»، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا، وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ:
وَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا | عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي |
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ | يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ |
(٢). من ج وى.
(٣). في ك: لطولتهما.
(٤). الدبر: الزنابير أو ذكور النحل.
(٥). في ج وى: الشهيد.
(٦). القحف: الجمجمة.