شَيْئًا، إِلَّا أَنَّهُ أَفْسَدَ إِسْنَادَهُ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُتَابَعْ «١» عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ عَنْ أَبِيهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ نَاقَةً دَخَلَتْ فِي حَائِطِ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ، فَجَعَلَ الْحَدِيثَ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّاقَةَ كَانَتْ لِلْبَرَاءِ. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابن محيصة، وعن سعيد ابن الْمُسَيَّبِ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- فَحَدَّثَ بِهِ عَمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَا حَضَرَهُ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ أَرْسَلَهُ الْأَئِمَّةُ، وَحَدَّثَ بِهِ الثِّقَاتُ، وَاسْتَعْمَلَهُ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ، وَجَرَى فِي الْمَدِينَةِ الْعَمَلُ بِهِ، وَحَسْبُكَ بِاسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْحِجَازِ لهذا الحديث. الرابعة عشرة- ذَهَبَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ إِلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ الْبَهَائِمَ إِذَا أَفْسَدَتْ زَرْعًا فِي لَيْلٍ أَوْ نهار أنه لا يلزم صاحبها شي وَأُدْخِلَ فَسَادُهَا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) فَقَاسَ جَمِيعَ أَعْمَالِهَا عَلَى جُرْحِهَا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ مَا تَقَدَّمَ أَبَا حَنِيفَةَ أَحَدٌ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ وَلَا لِمَنِ اتَّبَعَهُ فِي حَدِيثِ الْعَجْمَاءِ، وَكَوْنِهِ نَاسِخًا لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ وَمُعَارِضًا لَهُ، فَإِنَّ النسخ شروطه معدومة، والتعاوض إنما يصح إذا لم يمكن استعماله أَحَدِهِمَا إِلَّا بِنَفْيِ الْآخَرِ، وَحَدِيثُ (الْعَجْمَاءِ جُرْحُهَا جُبَارٌ) عُمُومٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ خُصَّ مِنْهُ الزَّرْعُ وَالْحَوَائِطُ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ جَاءَ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ: الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ نَهَارًا لَا لَيْلًا وَفِي الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ وَالْحَرْثِ، لَمْ يَكُنْ هَذَا مُسْتَحِيلًا مِنَ الْقَوْلِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا مُتَعَارِضٌ؟! وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ في الأصول. الخامشة عشرة- إِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي تَفْرِيقِ الشَّارِعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: يُضَمَّنُ أَرْبَابُ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كُلَّ مَا أَفْسَدَتْ، وَلَا يُضَمَّنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَاشِيَةِ؟ قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَذَلِكَ أَنَّ أهل المواشي لهم ضرورة إلى إرسال