يَخْرِقُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَتَخْرِقُونَهُ غَدًا فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ وَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَفَرُوا حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فستخرقونه [غدا «١»] إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَخْرِقُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ) الْحَدِيثَ وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَمَا اسْطاعُوا" بِتَخْفِيفِ الطَّاءِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ. وَقِيلَ: هِيَ لُغَةٌ بِمَعْنَى اسْتَطَاعُوا. وَقِيلَ: بَلِ اسْتَطَاعُوا بِعَيْنِهِ كَثُرَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ حَتَّى حَذَفَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ التَّاءَ فَقَالُوا: اسْطَاعُوا. وَحَذَفَ بَعْضُهُمْ مِنْهُ الطَّاءَ فَقَالَ: اسْتَاعَ يَسْتِيعُ بِمَعْنَى اسْتَطَاعَ يَسْتَطِيعُ، وَهِيَ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَحْدَهُ:" فَمَا اسْطَّاعُوا" بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ كَأَنَّهُ أَرَادَ اسْتَطَاعُوا، ثُمَّ أَدْغَمَ التَّاءَ فِي الطَّاءِ فَشَدَّدَهَا، وَهِيَ قِرَاءَةٌ ضَعِيفَةُ الْوَجْهِ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ «٢». وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ" فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا" بِالتَّاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي) الْقَائِلُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى الرَّدْمِ، وَالْقُوَّةِ عَلَيْهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي دَفْعِ ضَرَرِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ" هَذِهِ رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي". قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي) أَيْ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَقِيلَ: وَقْتُ خُرُوجِهِمْ. (جعله دكا) أَيْ مُسْتَوِيًا بِالْأَرْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا" «٣» [الفجر: ٢١] قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَيْ جُعِلَتْ مُسْتَوِيَةً لَا أَكَمَةَ فِيهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" جَعَلَهُ دَكًّا" قَالَ الْيَزِيدِيُّ: أَيْ مُسْتَوِيًا، يُقَالُ: نَاقَةٌ دَكَّاءُ إِذَا ذَهَبَ سَنَامُهَا. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: أَيْ جَعَلَهُ مَدْكُوكًا مُلْصَقًا بِالْأَرْضِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: قِطَعًا مُتَكَسِّرًا، قَالَ:
هَلْ غَيْرُ غَادٍ دَكَّ غَارًا فَانْهَدَمْ

(١). من ك وى. وفي اوح وج: فستحفرونه.
(٢). وقال النحاس: لا يقدر أحد أن يتعلق بها، لان السين ساكنة والطاء المدغمة ساكنة، وقال سيبويه: هذا محال.
(٣). راجع ٢٠ ص ٥٤.


الصفحة التالية
Icon