وَقِيلَ يَحْنَثُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِدَامٌ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عبد الله ابن سَلَامٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً فَقَالَ: (هَذَا إِدَامُ هَذِهِ). وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَيِّدُ إِدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ). ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ. وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ (بَابَ الْإِدَامِ) وَسَاقَ حَدِيثَ عَائِشَةَ، وَلِأَنَّ الْإِدَامَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُؤَادَمَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُوَافِقُ الْخُبْزَ فَكَانَ إِدَامًا. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (ائْتَدِمُوا وَلَوْ بِالْمَاءِ). وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِدَامِ الْمُوَافَقَةُ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ، كَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا اللَّحْمُ وَالْبَيْضُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُوَافِقُ الْخُبْزَ بَلْ يُجَاوِزُهُ «١» كَالْبِطِّيخِ وَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ كُلَّ مَا يُحْتَاجُ فِي الْأَكْلِ إِلَى مُوَافَقَةِ الْخُبْزِ كَانَ إِدَامًا، وَكُلُّ مَا لَا يُحْتَاجُ وَيُؤْكَلُ عَلَى حِدَةٍ لَا يَكُونُ إِدَامًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ). هَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَكَانَ يَضْطَرِبُ فِيهِ، فَرُبَّمَا يُذْكَرُ فِيهِ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُبَّمَا رَوَاهُ عَلَى الشَّكِّ فَقَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُبَّمَا قَالَ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: خُصَّ الطُّورُ بِالزَّيْتُونِ لِأَنَّ أَوَّلَ الزَّيْتُونِ نَبَتَ مِنْهَا. وَقِيلَ: إِنَّ الزَّيْتُونَ أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الطوفان. والله أعلم.
[سورة المؤمنون (٢٣): الآيات ٢١ الى ٢٧]
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٢٤) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (٢٥)
قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٢٦) فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧)

(١). كذا في الأصول من المجاورة.


الصفحة التالية
Icon