الثَّامِنَةُ- إِذَا قَذَفَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ نُظِرَتْ، فَإِنْ كَانَ هُنَالِكَ نَسَبٌ يُرِيدُ أَنْ يَنْفِيَهُ أَوْ حَمْلٌ يَتَبَرَّأُ مِنْهُ لَاعَنَ وَإِلَّا لَمْ يُلَاعِنْ. وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: لَا يُلَاعِنُ بِحَالٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُلَاعِنُ فِي الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ. وَهَذَا يُنْتَقَضُ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ قَبْلَ الزَّوْجِيَّةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، بَلْ هَذَا أَوْلَى، لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ تَقَدَّمَ وَهُوَ يُرِيدُ الِانْتِفَاءَ مِنَ النَّسَبِ وَتَبْرِئَتَهُ مِنْ وَلَدٍ يَلْحَقُ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنَ اللِّعَانِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ حَمْلٌ يُرْجَى وَلَا نَسَبٌ يُخَافُ تَعَلُّقُهُ لَمْ يَكُنْ لِلِّعَانِ فَائِدَةٌ فَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ وَكَانَ قَذْفًا مُطْلَقًا دَاخِلًا تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ" الْآيَةَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَبَطَلَ مَا قَالَهُ الْبَتِّيُّ لِظُهُورِ فَسَادِهِ. التَّاسِعَةُ- لَا مُلَاعَنَةَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ غَائِبًا فَتَأْتِي امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فِي مَغِيبِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَيُطَلِّقُهَا فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَقْدَمُ فَيَنْفِيهِ فله أن يلاعنها ها هنا بَعْدَ الْعِدَّةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَدِمَ بَعْدَ وَفَاتِهَا وَنَفَى الْوَلَدَ لَاعَنَ لِنَفْسِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الْعِدَّةِ، وَيَرِثُهَا لِأَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا. الْعَاشِرَةُ- إِذَا انْتَفَى مِنَ الْحَمْلِ وَوَقَعَ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ لَاعَنَ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُلَاعِنُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَضَعَ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رِيحًا أَوْ دَاءً مِنَ الْأَدْوَاءِ. وَدَلِيلُنَا النَّصُّ الصَّرِيحُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاعَنَ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَقَالَ: (إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِأَبِيهِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِفُلَانٍ) فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النعت المكروه. الحادية عشرة- إذا قذف بالوطي فِي الدُّبُرِ [لِزَوْجِهِ «١»] لَاعَنَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُلَاعِنُ، وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ اللِّوَاطَ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ. وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ الرمي به مَعَرَّةٌ وَقَدْ دَخَلَ تَحْتَ عُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ" وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" الْأَعْرَافِ" «٢» و" المؤمنون" «٣» أنه يجب به الحد.
(٢). راجع ج ٧ ص ٢٤٢ فما بعد. [..... ]
(٣). راجع ص ١٠٦ من هذا الجزء.