السَّادِسَةُ- قَالَ الْعُلَمَاءُ: فَإِنِ اسْتَتَرَ فَلْيَدْخُلْ بِعَشَرَةِ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ- أَلَّا يَدْخُلَ إِلَّا بِنِيَّةِ التَّدَاوِي أَوْ بِنِيَّةِ التَّطْهِيرِ عَنِ الرُّحَضَاءِ «١». الثَّانِي- أَنْ يَعْتَمِدَ أَوْقَاتَ الْخَلْوَةِ أَوْ قِلَّةَ النَّاسِ. الثَّالِثُ- أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ بِإِزَارٍ صَفِيقٍ «٢». الرَّابِعُ- أَنْ يَكُونَ نَظَرُهُ إِلَى الْأَرْضِ أَوْ يَسْتَقْبِلَ الْحَائِطَ لِئَلَّا يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَحْظُورٍ. الْخَامِسُ- أَنْ يُغَيِّرَ مَا يَرَى مِنْ مُنْكَرٍ بِرِفْقٍ، يَقُولُ: اسْتَتِرْ سَتَرَكَ اللَّهُ! السَّادِسُ- إِنْ دَلَكَهُ أَحَدٌ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ عَوْرَتِهِ، مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ إِلَّا امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْفَخِذَيْنِ هَلْ هُمَا عَوْرَةٌ أَمْ لَا. السَّابِعُ- أَنْ يَدْخُلَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطٍ أَوْ بِعَادَةِ النَّاسِ. الثَّامِنُ- أَنْ يَصُبَّ الْمَاءَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ. التَّاسِعُ- إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دُخُولِهِ وَحْدَهُ اتَّفَقَ مَعَ قَوْمٍ يَحْفَظُونَ أَدْيَانَهُمْ عَلَى كِرَائِهِ. الْعَاشِرُ- أَنْ يَتَذَكَّرَ بِهِ جَهَنَّمَ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلْيَجْتَهِدْ فِي غَضِّ الْبَصَرِ. ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اتَّقُوا بَيْتًا يُقَالُ لَهُ الْحَمَّامُ). قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَذْهَبُ بِهِ الْوَسَخُ وَيُذَكِّرُ النَّارَ فَقَالَ: (إِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ فَادْخُلُوهُ مُسْتَتِرِينَ). وَخَرَّجَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَ الْبَيْتُ يَدْخُلُهُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ بَيْتُ الْحَمَّامِ- وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا دَخَلَهُ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِهِ مِنَ النَّارِ- وَبِئْسَ الْبَيْتُ يَدْخُلُهُ الرَّجُلُ بَيْتُ الْعَرُوسِ (. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرَغِّبُهُ فِي الدُّنْيَا وَيُنْسِيهِ الْآخِرَةَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَهَذَا لِأَهْلِ الْغَفْلَةِ، صَيَّرَ اللَّهُ هَذِهِ الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا سَبَبًا لِلذِّكْرِ لِأَهْلِ الْغَفْلَةِ لِيَذْكُرُوا بِهَا آخِرَتَهُمْ، فَأَمَّا أَهْلُ الْيَقِينِ فَقَدْ صَارَتِ الْآخِرَةُ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ فَلَا بَيْتَ حَمَّامٍ يُزْعِجُهُ «٣» وَلَا بيت عروس
(٢). صفيق: متين جيد النسج وفى ك: ضيق. وليس بصحيح.
(٣). في ك: يعجبه. (١٢ - ١٥)