[سورة القصص (٢٨): الآيات ٢٣ الى ٢٨]

وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ مَا خَطْبُكُما قالَتا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قالَتْ إِحْداهُما يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)
قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٢٨)
فِيهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) مَشَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ أَيْ بَلَغَهَا. وَوُرُودُهُ الْمَاءَ مَعْنَاهُ بَلَغَهُ لَا أَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ. وَلَفْظَةُ الْوُرُودِ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي الْمَوْرُودِ، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَالْبُلُوغِ إِلَيْهِ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ. فَوُرُودُ مُوسَى هَذَا الْمَاءَ كَانَ بِالْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٌ:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الْمَاءَ زُرْقًا جِمَامُهُ وَضَعْنَ عِصِيَّ الْحَاضِرِ الْمُتَخَيِّمِ «١»
(١). تقدم شرح هذا البيت في هامش ج ١١ ص ١٣٧ طبعه أولى أو ثانية.


الصفحة التالية
Icon