الْوَاحِدَةُ حِجَّةٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ. (وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ مُوسَى. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ وَالِدِ الْمَرْأَةِ. فَاكْتَفَى الصَّالِحَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فِي الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا بِاللَّهِ وَلَمْ يُشْهِدَا أَحَدًا مِنَ الْخَلْقِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ فِي النِّكَاحِ، وَهِيَ: الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ- عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّهُ يَنْعَقِدُ دُونَ شُهُودٍ، لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِشْهَادُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِعْلَانُ وَالتَّصْرِيحُ، وَفَرْقُ مَا بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ الدُّفُّ. وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي" الْبَقَرَةِ" «١» مُسْتَوْفَاةً وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَالَ ايتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدُهُمْ، فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، فَقَالَ ايتِنِي بِكَفِيلٍ، فَقَالَ كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا قَالَ صَدَقْتَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وذكر الحديث
[سورة القصص (٢٨): آية ٢٩]
فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَارًا قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩)
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَأَلَنِي رَجُلٌ مِنَ النَّصَارَى أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ- يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ- فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: قَضَى أَكْمَلَهُمَا وَأَوْفَاهُمَا فَأَعْلَمْتُ النَّصْرَانِيَّ فَقَالَ: صَدَقَ وَاللَّهِ هَذَا الْعَالِمُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ فِي ذَلِكَ جِبْرِيلَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أنه قضى عشرا وعشرا بعدها، قال ابن عطية: وهذا ضعيف.

(١). راجع ج ٣ ص ٧٩ وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.


الصفحة التالية
Icon