وَالضَّمِيرُ فِي" لَهُمُ" لِقُرَيْشٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَقِيلَ: هُوَ لِلْيَهُودِ. وَقِيلَ: هُوَ لَهُمْ جَمِيعًا. وَالْآيَةُ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ هَلَّا أُوتِيَ مُحَمَّدٌ الْقُرْآنَ جُمْلَةً وَاحِدَةً. (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَذَكَّرُونَ مُحَمَّدًا فَيُؤْمِنُوا بِهِ. وَقِيلَ: يَتَذَكَّرُونَ فَيَخَافُوا أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِمَنْ قَبْلَهُمْ، قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى. وَقِيلَ: لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ بِالْقُرْآنِ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ. حَكَاهُ النَّقَّاشُ.
[سورة القصص (٢٨): الآيات ٥٢ الى ٥٣]
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) أَخْبَرَ أَنَّ قَوْمًا مِمَّنْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ وَسَلْمَانَ. وَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ عُلَمَاءِ النَّصَارَى، وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، قَدِمُوا مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَدِينَةَ، اثْنَانِ وثلاثون رجلا من الحبشة، وثمانية نفرا أَقْبَلُوا مِنَ الشَّامِ وَكَانُوا أَئِمَّةَ النَّصَارَى: مِنْهُمْ بحيراء الرَّاهِبُ وَأَبْرَهَةُ وَالْأَشْرَفُ وَعَامِرٌ وَأَيْمَنُ وَإِدْرِيسُ وَنَافِعٌ. كَذَا سَمَّاهُمِ الْمَاوَرْدِيُّ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ وَالَّتِي بَعْدَهَا" أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا" قَالَهُ قَتَادَةُ. وَعَنْهُ أَيْضًا: أنها أنزلت فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَالْجَارُودِ الْعَبْدِيِّ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، أَسْلَمُوا فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَعَنْ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ: نَزَلَتْ فِي عَشَرَةٍ أَنَا أَحَدُهُمْ. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَزَلَتْ فِي النَّجَاشِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَوَجَّهَ بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا فَجَلَسُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابُهُ قَرِيبًا مِنْهُمْ، فَآمَنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ تَبِعَهُمْ أَبُو جَهْلٍ وَمَنْ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: خَيَّبَكُمُ اللَّهُ مِنْ رَكْبٍ، وقبحكم من وفد، لم تَلْبَثُوا أَنْ صَدَّقْتُمُوهُ، وَمَا رَأَيْنَا رَكْبًا أَحْمَقَ مِنْكُمْ وَلَا أَجْهَلَ، فَقَالُوا:" سَلامٌ عَلَيْكُمْ" لَمْ نَأْلُ أَنْفُسَنَا رُشْدًا" لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ" وقد تقدم هذا في" المائدة" «١»