أَيْ إِنْ دَعَوْتِ دَعَوْتُ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَجَاءَ وُقُوعُ" إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" بَعْدَهُ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى إِنِ اتَّبَعْتُمْ سَبِيلَنَا حَمَلْنَا خَطَايَاكُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إِلَى الْخَبَرِ وَقَعَ عَلَيْهِ التَّكْذِيبُ كَمَا يُوقَعُ عَلَيْهِ الْخَبَرُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ نَحْنُ وَأَنْتُمْ لَا نُبْعَثُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْكُمْ وِزْرٌ فَعَلَيْنَا، أَيْ نَحْنُ نَحْمِلُ عَنْكُمْ ما يلزمكم. والحمل هاهنا بمعنى الحمالة لَا الْحَمْلُ عَلَى الظَّهْرِ. وَرُوِيَ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) يَعْنِي مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِمْ مِنْ سَيِّئَاتِ مَنْ ظَلَمُوهُ بَعْدَ فَرَاغِ حَسَنَاتِهِمْ. رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي" آلِ عِمْرَانَ" «١». قَالَ أَبُو أمامة الباهلي:" يؤتى الرجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ كَثِيرُ الْحَسَنَاتِ فَلَا يَزَالُ يُقْتَصُّ مِنْهُ حَتَّى تَفْنَى حَسَنَاتُهُ ثُمَّ يُطَالَبُ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اقْتَصُّوا مِنْ عَبْدِي فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ مَا بَقِيَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ فَيَقُولُ خُذُوا مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ" ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ" وَقَالَ قَتَادَةُ: مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْ أوزارهم شي. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ". وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ:" مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ ينقص من أوزار هم شي" رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ عَلَيْهِ وَعُمِلَ بِهِ فَلَهُ مِثْلَ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ وَلَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا وَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِمَّنِ اتَّبَعَهُ لَا يُنْقِصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شيئا" ثم قرأ الحسن" وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم". قُلْتُ: هَذَا مُرْسَلٌ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَنَصُّ حَدِيثِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعَ فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أَوْزَارِ مَنِ اتبعه ولا ينقص من أوزارهم شَيْئًا وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ فإن له مثل أجور من اتبعه