فَظَلَّتْ «١» تِبَاعًا خَيْلُنَا فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا تَابَعَتْ سَرْدَ الْعِنَانِ الْخَوَارِزُ
وَالسِّرَادُ: السَّيْرُ الَّذِي يُخْرَزُ به، قال لبيد:
يشك صفائحها بِالرَّوْقِ شَزْرًا كَمَا خَرَجَ السِّرَادُ مِنَ النِّقَالِ «٢»
وَيُقَالُ: قَدْ سَرَدَ الْحَدِيثَ وَالصَّوْمَ، فَالسَّرْدُ فِيهِمَا أن يجئ بِهِمَا «٣» وِلَاءً فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَمِنْهُ سَرْدُ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ، وَكَانَ يُحَدِّثُ الْحَدِيثَ لَوْ أَرَادَ الْعَادُّ أَنْ يَعُدَّهُ لَأَحْصَاهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِنْهُ رَجُلٌ سَرَنْدَى أي جريء، قال: لأنه يمضي قوما «٤». وَأَصْلُ ذَلِكَ فِي سَرْدِ الدِّرْعِ، وَهُوَ أَنْ يُحْكِمَهَا وَيَجْعَلَ نِظَامَ حِلَقِهَا وِلَاءً غَيْرَ مُخْتَلِفٍ. قَالَ لَبِيَدٌ:
صَنَعَ الْحَدِيدَ مُضَاعِفًا أَسْرَادَهُ لِيَنَالَ طُولَ الْعَيْشِ غَيْرَ مَرُومِ
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ «٥»
(وَاعْمَلُوا صالِحاً) أَيْ عَمَلًا صَالِحًا. وَهَذَا خِطَابٌ لِدَاوُدَ وَأَهْلِهِ، كَمَا قَالَ:" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً" [سبأ: ١٣]. (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
[سورة سبإ (٣٤): آية ١٢]
وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) قَالَ الزَّجَّاجُ، التَّقْدِيرُ وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ:" الرِّيحُ" بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْمَعْنَى له تسخير الريح، أو بالاستقرار،
(١). رواية البيت كما في ديوانه:
شككن بأحشاء الذنابى على هدى... كما تابعت......... إلخ
(٢). الروق: القرن. والنقال: جمع النقل (بالتحريك) والنقل وهو الخف الخلق.
(٣). في الأصول: (به). [..... ]
(٤). أي لم يعرج ولم ينثن يوصف به الذكر والأنثى.
(٥). قضاهما أحكمهما أو فرغ منهما. والصنع (بالتحريك): الحذق في العمل. والصنع هاهنا تبع وهو ملك من ملوك حمير. ويروى: (أو صنع السوابغ).


الصفحة التالية
Icon