فِيهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً. الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ"" الْخَصْمُ" يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمَاعَةِ، لِأَنَّ أصله المصدر. قال الشاعر:/ ش وخصم غضاب ينفضون لحاهم/ وكنفض البراذين العراب المخاليا/ ش النَّحَّاسُ: وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّهُ يراد به ها هنا ملكان. وقيل:" تسوروا" وإن كانا اثْنَيْنِ حَمْلًا عَلَى الْخَصْمِ، إِذْ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَمُضَارِعًا لَهُ، مِثْلَ الرَّكْبِ وَالصَّحْبِ. تَقْدِيرُهُ لِلِاثْنَيْنِ ذَوَا خَصْمٍ وَلِلْجَمَاعَةِ ذَوُو خَصْمٍ. وَمَعْنَى:" تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ" أَتَوْهُ مِنْ أَعْلَى سُورِهِ. يُقَالُ: تَسَوَّرَ. الْحَائِطَ تَسَلَّقَهُ، وَالسُّورُ حَائِطُ الْمَدِينَةِ وَهُوَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَكَذَلِكَ السُّوَرُ جَمْعُ سُورَةٍ مِثْلَ بُسْرَةٍ وَبُسْرٍ وَهِيَ كُلُّ مَنْزِلَةٍ مِنَ الْبِنَاءِ. وَمِنْهُ سُورَةُ الْقُرْآنِ، لِأَنَّهَا مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ مَقْطُوعَةٌ عَنِ الْأُخْرَى. وَقَدْ مَضَى فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ بَيَانُ هَذَا «١». وَقَوْلُ النَّابِغَةُ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعْطَاكَ سُورَةً | وترى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ |
(٢). راجع ج ٤ ص ٧١ وج ١١ ص ٨٤ وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.