لا لحفظ بِالْكَوَاكِبِ الَّتِي تُرْجَمُ بِهَا الشَّيَاطِينُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [الْحِجْرِ «١»] بَيَانُهُ. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ خُلِقَتْ قَبْلَ السَّمَاءِ. وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:" أَمِ السَّماءُ بَناها" [النازعات: ٢٧] ثم قال:" وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها" [النازعات: ٣٠] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِ السَّمَاءِ أَوَّلًا. وَقَالَ قَوْمٌ: خُلِقَتِ الْأَرْضُ قَبْلَ السَّمَاءِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ:" وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها" [النازعات: ٣٠] فَالدَّحْوُ غَيْرُ الْخَلْقِ، فَاللَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ أَيْ مَدَّهَا وبسطها، قال ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي" الْبَقَرَةِ" «٢» وَالْحَمْدُ لِلَّهِ." ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ".
[سورة فصلت (٤١): الآيات ١٣ الى ١٦]
فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ (١٣) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَإِنْ أَعْرَضُوا" يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ عَمَّا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ مِنَ الْإِيمَانِ." فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ" أَيْ خَوَّفْتُكُمْ هَلَاكًا مِثْلَ هَلَاكِ عَادٍ وَثَمُودَ." إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ" يَعْنِي مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى مَنْ قَبْلَهُمْ" أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ" مَوْضِعُ" أَنْ" نُصِبَ بإسقاط الخافض أي ب" أَلَّا تَعْبُدُوا"" و" قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً" بَدَلَ الرُّسُلِ" فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ" مِنَ الْإِنْذَارِ وَالتَّبْشِيرِ. قِيلَ: هَذَا اسْتِهْزَاءٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: اقرا بإرسالهم ثم بعده جحود وعناد.

(١). راجع ج ١٠ ص ١٠ طبعه أولى أو ثانية.
(٢). راجع ج ١ ص ٢٥٥ وما بعدها طبعه ثانية أو ثالثة.


الصفحة التالية
Icon