وَمَحَلُّ الْجُمْلَةِ النَّصْبُ، أَيْ يُصِرُّ مِثْلُ غَيْرِ السَّامِعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ" لُقْمَانَ" الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ «١». وَتَقَدُّمَ مَعْنَى" فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ" في" البقرة" «٢».
[سورة الجاثية (٤٥): الآيات ٩ الى ١٠]
وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً" نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الزَّقُّومِ: إِنَّهُ الزُّبْدُ وَالتَّمْرُ، وَقَوْلُهُ فِي خَزَنَةِ جَهَنَّمَ: إِنْ كَانُوا تِسْعَةَ عَشَرَ فَأَنَا أَلْقَاهُمْ وَحْدِي." أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ" مُذِلٌّ مُخْزٍ." مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ" أَيْ مِنْ وَرَاءِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ التَّعَزُّزِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّكَبُّرِ عَنِ الْحَقِّ جَهَنَّمُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ" أَيْ أَمَامَهُمْ، نَظِيرُهُ" مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ" «٣» [إبراهيم: ١٦] أَيْ مِنْ أَمَامِهِ. قَالَ:
أَلَيْسَ وَرَائِي إِنْ تَرَاخَتْ مَنِيَّتِي | أَدُبُّ مَعَ الْوِلْدَانِ أَزْحَفُ كَالنَّسْرِ |
[سورة الجاثية (٤٥): آية ١١]
هَذَا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" هَذَا هُدىً" ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، يَعْنِي الْقُرْآنَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي كُلَّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ" أي جحدوا دلائله.
(٢). راجع ج ١ ص ١٩٨ و٢٣٨ طبعه ثانية أو ثالثة.
(٣). آية ١٦ سورة إبراهيم.
(٤). آية ١٠ سورة آل عمران.
(٥). ما بين المربعين ساقط من ح ز ل ن هـ.