فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الصَّلَاةَ مَعَ مَنْ لَا يَرْضَى مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَلَكِنْ يُعِيدُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ، وَلَا يُؤْثِرُ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِهِ. الرَّابِعَةُ- وَأَمَّا أَحْكَامُهُ إِنْ كَانَ وَالِيًا فَيُنَفِّذُ مِنْهَا مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَيَرُدُّ مَا خَالَفَهُ، وَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ الَّذِي أَمْضَاهُ بِحَالٍ، وَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَى غَيْرِ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ رِوَايَةٍ] تُؤْثَرُ [«١» أَوْ قَوْلٍ يُحْكَى، فَإِنَّ الْكَلَامَ كَثِيرٌ وَالْحَقُّ ظَاهِرٌ. الْخَامِسَةُ- لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونُ رَسُولًا عَنْ غَيْرِهِ فِي قَوْلٍ يُبَلِّغُهُ أَوْ شَيْءٍ يُوَصِّلُهُ، أَوْ إِذْنٍ يُعْلِمُهُ، إِذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حَقِّ الْمُرْسِلِ وَالْمُبَلَّغِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. وَهَذَا جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ بَيْنَ الْخَلْقِ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي إِلَّا الْعُدُولُ لَمْ يَحْصُلْ منها «٢» شي لِعَدَمِهِمْ فِي ذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- وَفِي الآية دليل على فساد قول مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلُّهُمْ عُدُولٌ حَتَّى تَثْبُتَ الْجُرْحَةُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالتَّثَبُّتِ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّثَبُّتِ بَعْدَ إِنْفَاذِ الْحُكْمِ، فَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ قَبْلَ التَّثَبُّتِ فَقَدْ أَصَابَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِجَهَالَةٍ. السَّابِعَةُ- فَإِنْ قَضَى بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَمَلًا بِجَهَالَةٍ، كَالْقَضَاءِ بِالشَّاهِدَيْنِ الْعَدْلَيْنِ، وَقَبُولِ قَوْلِ الْعَالِمِ الْمُجْتَهِدِ. وَإِنَّمَا الْعَمَلُ بِالْجَهَالَةِ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ لَا يَحْصُلُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِقَبُولِهِ. ذَكَرَ هذه المسألة القشيري، والذي قبلها المهدوي.
[سورة الحجرات (٤٩): الآيات ٧ الى ٨]
وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨)
(٢). في ابن العربي:" منهم".] [