يَكُونَ مَعَاشًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ." فَأَنْشَرْنا" أَيْ أَحْيَيْنَا." بِهِ" أَيْ بِالْمَاءِ." بَلْدَةً مَيْتاً" أَيْ مُقْفِرَةً مِنَ النَّبَاتِ." كَذلِكَ تُخْرَجُونَ" أَيْ مِنْ قُبُورِكُمْ، لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى هَذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ مَضَى فِي" الْأَعْرَافِ" مُجَوَّدًا. «١» وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ" يَخْرُجُونَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ وضم الراء. الباقون على الفعل المجهول.
[سورة الزخرف (٤٣): الآيات ١٢ الى ١٤]
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (١٤)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ" أَيْ وَاللَّهُ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَيْ الْأَصْنَافَ كُلَّهَا. وقال الحسن: الشتاء والصيف والليل والنهار والسموات وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ. وَقِيلَ: أَزْوَاجَ الْحَيَوَانِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، قَالَهُ ابْنُ عِيسَى. وَقِيلَ: أَرَادَ أَزْوَاجَ النَّبَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ" «٢» [ق: ٧] و" مِنْ كُلِّ زَوْجٍ «٣» كَرِيمٍ" [لقمان: ١٠]. وَقِيلَ مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ الْإِنْسَانُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَإِيمَانٍ وَكُفْرٍ، وَنَفْعٍ وَضُرٍّ، وَفَقْرٍ وَغِنًى، وَصِحَّةٍ وَسَقَمٍ. قُلْتُ: وَهَذَا الْقَوْلُ يَعُمُّ الْأَقْوَالَ كُلَّهَا وَيَجْمَعُهَا بِعُمُومِهِ." وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ" السُّفُنِ" والْأَنْعامِ" الْإِبِلِ" مَا تَرْكَبُونَ" فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ." لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ" ذَكَرَ الْكِنَايَةَ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إِلَى مَا فِي قَوْلِهِ" مَا تَرْكَبُونَ"، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَضَافَ الظُّهُورَ إِلَى وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ، فَصَارَ الْوَاحِدُ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ بِمَنْزِلَةِ الْجَيْشِ وَالْجُنْدِ، فَلِذَلِكَ ذُكِّرَ، وَجَمَعَ الظُّهُورَ، أَيْ عَلَى ظُهُورِ هذا الجنس.
(٢). آية ٧ سورة ق.
(٣). آية ٧ سورة الشعراء.