وَالنُّطْفَةُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ، مُشْتَقٌّ مِنْ نَطَفَ الْمَاءَ إِذَا قَطَرَ. (تُمْنى) تُصَبُّ فِي الرَّحِمِ وَتُرَاقُ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ. يُقَالُ: مَنَى الرَّجُلُ وَأَمْنَى مِنَ الْمَنِيِّ، وَسُمِّيَتْ مِنًى بِهَذَا الِاسْمِ لِمَا يُمْنَى فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ أَيْ يُرَاقُ. وَقِيلَ: (تُمْنى) تُقَدَّرُ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. يُقَالُ: مَنَيْتُ الشَّيْءَ إِذَا قَدَّرْتُهُ، وَمُنِيَ لَهُ أَيْ قُدِّرَ لَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ «١»:
حَتَّى تُلَاقِيَ مَا يَمْنِي لَكَ الْمَانِي
أَيْ ما يقدر لك القادر.
[سورة النجم (٥٣): الآيات ٤٧ الى ٥٥]
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١)
وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها مَا غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى) أَيْ إِعَادَةَ الْأَرْوَاحِ فِي الْأَشْبَاحِ لِلْبَعْثِ. وقرا ابن كثير وأبو عمرو (النشأة) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْمَدِّ، أَيْ وَعَدَ ذَلِكَ وَوَعْدُهُ صِدْقٌ. (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى) قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَغْنَى مَنْ شَاءَ وَأَفْقَرَ مَنْ شَاءَ، ثُمَّ قَرَأَ (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) «٢» وقرا (يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ) «٣» وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ. وَعَنِ ابْنِ زَيْدٍ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ: (أَغْنى) مَوَّلَ (وَأَقْنى) أَخْدَمَ. وَقِيلَ: (أَقْنى) جعل

(١). قائله أبو قلابة الهذلي. وصدره:
ولا تقولن لشيء سوف أفعله
وقيل هو لسويد بن عامر المصطلقي. وقبله: واسلك طريقك فيها غير محتشم... حتى إلخ...............
لا تأمن الموت في حل وفى حرم ان النمايا توافي كل انسان
(٢). راجع ج ١٤ ص (٣٠٧)
(٣). راجع ج ٣ ص ٢٣٧


الصفحة التالية
Icon