[سورة الرحمن (٥٥): الآيات ٤١ الى ٤٥]

يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) قَالَ الْحَسَنُ: سَوَادُ الْوَجْهِ وَزُرْقَةُ الْأَعْيُنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) «١» وَقَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) «٢». (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) أَيْ تَأْخُذُ الْمَلَائِكَةُ بنواصيهم، أي بشعور مقدم رؤوسهم وَأَقْدَامِهِمْ فَيَقْذِفُونَهُمْ فِي النَّارِ. وَالنَّوَاصِي جَمْعُ نَاصِيَةٍ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يُجْمَعُ بَيْنَ نَاصِيَتِهِ وَقَدَمَيْهِ فِي سِلْسِلَةٍ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. وَعَنْهُ: يُؤْخَذُ بِرِجْلَيِ الرجل فيجمع بينهما وبين ناصية حَتَّى يَنْدَقَّ ظَهْرُهُ ثُمَّ يُلْقَى فِي النَّارِ. وَقِيلَ: يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ لِيَكُونَ أَشَدَّ لِعَذَابِهِ وَأَكْثَرَ لِتَشْوِيهِهِ. وَقِيلَ: تَسْحَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى النَّارِ، تَارَةً تَأْخُذُ بِنَاصِيَتِهِ وَتَجُرُّهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَتَارَةً تَأْخُذُ بِقَدَمَيْهِ وَتَسْحَبُهُ عَلَى رَأْسِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) أَيْ يُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ النَّارُ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا فَكَذَّبْتُمْ. (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) قَالَ قَتَادَةُ: يَطُوفُونَ مَرَّةً بَيْنَ الْحَمِيمِ وَمَرَّةً بَيْنَ الْجَحِيمِ، وَالْجَحِيمُ النَّارُ، وَالْحَمِيمُ الشَّرَابُ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (آنٍ) ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا أَنَّهُ الَّذِي انْتَهَى حَرُّهُ وَحَمِيمُهُ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيُّ:
وَتُخْضَبْ لِحْيَةٌ غَدَرَتْ وَخَانَتْ بِأَحْمَرَ مِنْ نَجِيعِ الْجَوْفِ آنِ «٣»
قَالَ قَتَادَةُ: (آنٍ) طُبِخَ مُنْذُ خلق الله السموات وَالْأَرْضَ، يَقُولُ: إِذَا اسْتَغَاثُوا مِنَ النَّارِ جُعِلَ غِيَاثُهُمْ ذَلِكَ. وَقَالَ كَعْبٌ: (آنٍ) وَادٍ مِنْ أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل
(١). راجع ج ١١ ص ٢٤٤. [..... ]
(٢). راجع ج ٤ ص ١٦٦.
(٣). نجيع الجوف: يعنى الدم الخالص. وقبل البيت:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
فان يقدر عليك أبو قبيس تمط بك المعيشة في هوان