فِي الْجِنَازَةِ: (وَأَبْدِلْهُ زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ). وَقِيلَ: الْآدَمِيَّاتُ أَفْضَلُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ بِسَبْعِينَ أَلْفَ ضِعْفٍ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: وأخبرنا رشدين عن ابن أنعم «١» عن حيان ابن أَبِي جَبَلَةَ، قَالَ: إِنَّ نِسَاءَ الدُّنْيَا مَنْ دَخَلَ مِنْهُنَّ الْجَنَّةَ فُضِّلْنَ عَلَى الْحُورِ الْعِينِ بِمَا عَمِلْنَ فِي الدُّنْيَا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْقُرْآنِ هُنَّ الْمُؤْمِنَاتُ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ يُخْلَقْنَ فِي الْآخِرَةِ عَلَى أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحُورَ الْعِينَ لَسْنَ، مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا هُنَّ مَخْلُوقَاتٌ فِي الْجَنَّةِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) وَأَكْثَرُ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا مَطْمُوثَاتٍ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ) فَلَا يُصِيبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ امْرَأَةً، وَوَعَدَ الْحُورَ الْعِينَ لِجَمَاعَتِهِمْ، فَثَبَتَ أَنَّهُنَّ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الدُّنْيَا.
[سورة الرحمن (٥٥): الآيات ٧٢ الى ٧٥]
حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) (حُورٌ) جَمْعُ حَوْرَاءَ، وَهِيَ الشَّدِيدَةُ بَيَاضَ الْعَيْنِ الشَّدِيدَةُ سَوَادَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ «٢». (مَقْصُوراتٌ) مَحْبُوسَاتٌ مَسْتُورَاتٌ (فِي الْخِيامِ) فِي الْحِجَالِ لَسْنَ بِالطَّوَّافَاتِ فِي الطُّرُقِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ: هِيَ فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ): بَلَغَنَا فِي الرِّوَايَةِ أَنَّ سَحَابَةً أَمْطَرَتْ مِنَ الْعَرْشِ فَخُلِقَتِ الْحُورُ مِنْ قَطَرَاتِ الرَّحْمَةِ، ثُمَّ ضُرِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَيْمَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْأَنْهَارِ سَعَتُهَا أَرْبَعُونَ مِيلًا وَلَيْسَ لَهَا بَابٌ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ»
وَلِيُّ اللَّهِ الْجَنَّةَ
(٢). راجع ج ١٥ ص (٨٠)
(٣). في ب: (حتى إذا أحل ولى الله بالخيمة).