[سورة الحديد (٥٧): الآيات ١١ الى ١٢]

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) نَدَبَ إِلَى الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) «١» الْقَوْلُ فِيهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا حَسَنًا: قَدْ أَقْرَضَ، كَمَا قَالَ «٢»:
وَإِذَا جُوزِيتَ قَرْضًا فَاجْزِهِ إِنَّمَا يَجْزِي الْفَتَى لَيْسَ الْجَمَلْ
وَسُمِّيَ قَرْضًا، لِأَنَّ الْقَرْضَ أُخْرِجَ لِاسْتِرْدَادِ الْبَدَلِ. أَيْ مَنْ ذَا الَّذِي يُنْفِقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُبَدِّلَهُ اللَّهُ بِالْأَضْعَافِ الْكَثِيرَةِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: (قَرْضاً) أَيْ صَدَقَةً (حَسَناً) أَيْ مُحْتَسِبًا مِنْ قَلْبِهِ بِلَا مَنٍّ وَلَا أَذًى. (فَيُضاعِفَهُ لَهُ) مَا بَيْنَ السَّبْعِ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ الْأَضْعَافِ. وَقِيلَ: الْقَرْضُ الْحَسَنُ هُوَ أن يقول سبحان الله والحمد اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، رَوَاهُ سُفْيَانُ عَنْ أَبِي «٣» حَيَّانَ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَهْلِ. الْحَسَنُ: التَّطَوُّعُ بِالْعِبَادَاتِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ عَمَلُ الْخَيْرِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لِي عِنْدَ فُلَانٍ قَرْضُ صِدْقٍ وَقَرْضُ سُوءٍ. الْقُشَيْرِيُّ: وَالْقَرْضُ الْحَسَنُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ صَادِقَ النِّيَّةِ طَيِّبَ النَّفْسِ، يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ دُونَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِنَ الْحَلَالِ. وَمِنَ الْقَرْضِ الْحَسَنِ أَلَّا يَقْصِدَ إِلَى الرَّدِيءِ فَيُخْرِجُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) «٤»
(١). راجع ج ٣ ص (٢٣٧) [..... ]
(٢). قائله لبيد، ومعنى البيت: إذا أسدى إليك معروف فكافى عليه.
(٣). كل نسخ الأصل بلفظ أبى حيان والظاهر أن صوابه: ابن حيان.
(٤). راجع ج ٣ ص ٣٢٥


الصفحة التالية
Icon