وَفِي الصِّحَاحِ: وَلَاتَهُ عَنْ وَجْهِهِ يَلُوتُهُ وَيَلِيتُهُ أَيْ حَبَسَهُ عَنْ وَجْهِهِ وَصَرَفَهُ، وَكَذَلِكَ أَلَاتَهُ عَنْ وَجْهِهِ فَعَلَ وَأَفْعَلَ بِمَعْنًى، وَيُقَالُ أَيْضًا: مَا أَلَاتَهُ مِنْ عَمَلِهِ شَيْئًا أَيْ مَا نَقَصَهُ مِثْلُ أَلَتَهُ وَقَدْ مَضَى بِ (الْحُجُرَاتِ) «١». (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) قِيلَ: يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ارْتَهَنَ أَهْلُ جَهَنَّمَ بِأَعْمَالِهِمْ وَصَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى نَعِيمِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ: (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) «٢». وَقِيلَ: هُوَ عَامٌّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُرْتَهَنٍ بِعَمَلِهِ فَلَا يُنْقَصُ أَحَدٌ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ، فَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثَوَابِ الْعَمَلِ فَهِيَ تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الذُّرِّيَّةِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَلَا يَلْحَقُونَ آبَاءَهُمُ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ يَكُونُونَ مُرْتَهَنِينَ بِكُفْرِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أَيْ أَكْثَرْنَا لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةً مِنَ اللَّهِ، أَمَدَّهُمْ بِهَا غَيْرَ الَّذِي كَانَ لَهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً) أَيْ يَتَنَاوَلُهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَهُوَ الْمُؤْمِنُ وَزَوْجَاتُهُ وَخَدَمُهُ فِي الْجَنَّةِ. وَالْكَأْسُ: إِنَاءُ الْخَمْرِ وَكُلُّ إِنَاءٍ مَمْلُوءٍ مِنْ شَرَابٍ وَغَيْرِهِ، فَإِذَا فَرَغَ لَمْ يُسَمَّ كَأْسًا. وَشَاهِدُ التَّنَازُعِ وَالْكَأْسُ فِي اللُّغَةِ قَوْلُ الْأَخْطَلُ:

وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالْكَأْسِ نَادَمَنِي لَا بِالْحَصُورِ وَلَا فِيهَا بِسَوَّارِ «٣»
نَازَعْتُهُ طَيِّبَ الرَّاحِ الشَّمُولِ وَقَدْ صَاحَ الدَّجَاجُ وَحَانَتْ وَقْعَةُ السَّارِي
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَلَمَّا تَنَازَعْنَا الْحَدِيثَ وَأَسْمَحَتْ هَصَرْتُ بِغُصْنٍ ذِي شَمَارِيخَ مَيَّالِ
وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي (وَالصَّافَّاتِ) «٤». (لَا لَغْوٌ فِيها) أَيْ فِي الْكَأْسِ أَيْ لَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ لغو
(١). راجع ج ١٦ ص (٣٤٨)
(٢). راجع ج ١٩ ص (٨٥)
(٣). مربح: ينحر لضيفانه الربح وهى الفصلان، ويروى: مرتج وهو الذي كأسه ملأى بالخمر فيسكر ولا يتغير عن أخلاقه الحميدة. والحصور الضيق البخيل مثل الحصير. والسوار هو المعربد الوثاب، ويروى بسأآر وهو الذي إذا شرب ترك بقية في قعر الإناء. والدجاج هنا المراد به الديكة يريد وقت السحر، يقال هذا دجاج فيريدون الديوك. وهذه دجاج فيريدون الأنثى. ووقعة الساري- ويروى وقفة الساري- من وقعت الإبل إذا بركت. والساري هو السائر بالليل. وفى نسخ الأصل كلها: في الكأس نازعني. والتصحيح كما أثبتناه في صدر الكتاب من ديوان الأخطل طبع اليسوعيين.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(٤). راجع ج ١٥ ص ٧٧ ففيها الكلام على الكأس.