٢ قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ) قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْحَشْرِ؟ قَالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ، وَهُمْ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ ذُرِّيَّةِ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، نَزَلُوا الْمَدِينَةَ فِي فِتَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ انْتِظَارًا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا نَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) الْحَشْرُ الْجَمْعُ، وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: حَشْرَانِ فِي الدُّنْيَا وَحَشْرَانِ فِي الْآخِرَةِ، أَمَّا الَّذِي فِي الدُّنْيَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانُوا مِنْ سَبْطٍ «١» لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ، فَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا «٢» وَكَانَ أَوَّلَ حَشْرٍ حُشِرُوا فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّامِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ: مَنْ شَكَّ أَنَّ الْمَحْشَرَ فِي الشَّامِ فَلْيَقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمُ: (اخْرُجُوا) قَالُوا إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: (إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ). قَالَ قَتَادَةُ: هَذَا أَوَّلُ الْمَحْشَرِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ أَوَّلُ مَنْ حُشِرَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأُخْرِجَ مِنْ دِيَارِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ أُخْرِجُوا إِلَى خَيْبَرَ، وَأَنَّ مَعْنَى لِأَوَّلِ الْحَشْرِ إِخْرَاجُهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ إِلَى خَيْبَرَ، وَآخِرُهُ إِخْرَاجُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِيَّاهُمْ مِنْ خَيْبَرَ إِلَى نَجْدٍ وَأَذْرِعَاتٍ. وَقِيلَ تَيْمَاءُ وأريحا، وَذَلِكَ بِكُفْرِهِمْ وَنَقْضِ عَهْدِهِمْ. وَأَمَّا الْحَشْرُ الثَّانِي:
(٢). ما بين المربعين ساقط من هـ.