فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ أي بتكذيبهم الرسل. والذنب ها هنا بِمَعْنَى الْجَمْعِ، لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ. يُقَالُ: خَرَجَ عَطَاءُ النَّاسِ أَيْ أَعْطِيَتُهُمْ. (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) أَيْ فَبُعْدًا لَهُمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو صَالِحٍ: هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ السُّحْقُ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ فَسُحْقاً بِضَمِ الْحَاءِ، وَرُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ. الْبَاقُونَ بِإِسْكَانِهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ مِثْلَ السُّحُتِ وَالرُّعُبِ. الزَّجَّاجُ: وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ أَسْحَقَهُمُ اللَّهُ سُحْقًا، أَيْ بَاعَدَهُمْ بُعْدًا. قال امرؤ القيس:

يحول بِأَطْرَافِ الْبِلَادِ مُغَرِّبًا وَتَسْحَقُهُ رِيحُ الصَّبَا كُلَّ مَسْحَقِ
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: الْقِيَاسُ إِسْحَاقًا، فَجَاءَ الْمَصْدَرُ عَلَى الْحَذْفِ، كَمَا قِيلَ:
وَإِنْ أَهْلَكْ فَذَلِكَ كَانَ قَدْرِي
أَيْ تَقْدِيرِي. وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ من قول خزنة جهنم لأهلها.
[سورة الملك (٦٧): آية ١٢]
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) نَظِيرُهُ: مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [ق: ٣٣] وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ «١» فِيهِ. أَيْ يَخَافُونَ اللَّهَ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ الَّذِي هُوَ بِالْغَيْبِ، وَهُوَ عَذَابُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لِذُنُوبِهِمْ (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وهو الجنة.
[سورة الملك (٦٧): الآيات ١٣ الى ١٤]
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ) اللَّفْظُ لَفْظُ الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَبَرُ، يَعْنِي إِنْ أَخْفَيْتُمْ كَلَامَكُمْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جَهَرْتُمْ به ف إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ
(١). راجع ج ١٧ ص ٢٠


الصفحة التالية
Icon