الله؟! فقال له: أتعرفني؟ قال نعم، أو لك نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، «١» وَآخِرُكَ جِيفَةُ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ «٢» تَحْمِلُ الْعَذِرَةَ. فَمَضَى الْمُهَلَّبُ وَتَرَكَ مِشْيَتَهُ. نَظَمَ الْكَلَامَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ فَقَالَ:
عَجِبْتُ مِنْ مُعْجَبٍ بِصُورَتِهِ | وَكَانَ فِي الْأَصْلِ نُطْفَةً مَذِرَهْ |
وَهُوَ غَدًا بَعْدَ حُسْنِ صُورَتِهِ | يَصِيرُ فِي اللَّحْدِ جِيفَةً قَذِرَهْ |
وَهُوَ عَلَى تِيهِهِ وَنَخْوَتِهِ | مَا بَيْنَ ثَوْبَيْهِ يَحْمِلُ الْعَذِرَهْ |
هَلْ فِي ابْنِ آدَمَ غَيْرَ الرَّأْسِ مَكْرُمَةٌ | وَهُوَ بِخَمْسٍ مِنَ الْأَوْسَاخِ مَضْرُوبُ |
أَنْفٌ يَسِيلُ وَأُذْنٌ رِيحُهَا سَهِكٌ «٣» | - وَالْعَيْنُ مُرْمَصَةٌ وَالثَّغْرُ مَلْهُوبُ |
يَا ابْنَ التُّرَابِ وَمَأْكُولَ التُّرَابِ غَدًا | قَصِّرْ فَإِنَّكَ مَأْكُولٌ وَمَشْرُوبُ |
أَأَزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلَى ابْتِكَارًا | وَشَطَّتْ عَلَى ذِي هَوًى أن تزارا |
[سورة المعارج (٧٠): الآيات ٤٠ الى ٤١]
فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ) أَيْ أُقْسِمُ. وفَلا صِلَةٌ. (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) هِيَ مَشَارِقُ الشَّمْسِ وَمَغَارِبُهَا. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا. وَقَرَأَ أَبُو حيوة وابن محيصن وحميد بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ عَلَى التَّوْحِيدِ. (إِنَّا لَقادِرُونَ. عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) يَقُولُ: نَقْدِرُ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ وَالذَّهَابِ بِهِمْ وَالْمَجِيءِ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ فِي الْفَضْلِ وَالطَّوْعِ وَالْمَالِ. (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) أَيْ لَا يَفُوتُنَا شي ولا يعجزنا أمر نريده.
(١). المذر: الفساد.
(٢). زيادة عن الخطيب الشربينى.
(٣). السهك- محركة- ريح كريهة تجدها من الإنسان إذا عرق.
(٢). زيادة عن الخطيب الشربينى.
(٣). السهك- محركة- ريح كريهة تجدها من الإنسان إذا عرق.