وَكَفَى بِالْمَوْتِ فَاعْلَمْ وَاعِظًا | لِمَنِ الْمَوْتُ عَلَيْهِ قَدْ قُدِرْ |
فَاذْكُرِ الْمَوْتَ وَحَاذِرْ ذِكْرَهُ | إِنَّ في الموت لذي اللب عبر |
كل شي سَوْفَ يَلْقَى حَتْفَهُ | فِي مَقَامٍ أَوْ عَلَى ظَهْرِ سَفَرْ |
وَالْمَنَايَا حَوْلَهُ تَرْصُدُهُ | لَيْسَ يُنْجِيهِ من الموت الحذر |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩)
فِيهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْأَعْمَشُ وَغَيْرُهُمَا (الْجُمْعَةِ) بِإِسْكَانِ الْمِيمِ عَلَى التَّخْفِيفِ. وَهُمَا لُغَتَانِ. وَجَمْعُهُمَا جُمَعٌ وَجُمُعَاتٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ الْجُمْعَةُ (بِسُكُونِ الْمِيمِ) والْجُمُعَةِ (بِضَمِ الْمِيمِ) وَالْجَمْعَةُ (بِفَتْحِ الْمِيمِ) فَيَكُونُ صِفَةَ الْيَوْمِ، أَيْ تَجْمَعُ النَّاسَ. كَمَا يُقَالُ: ضُحَكَةٌ لِلَّذِي يَضْحَكُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّفْخِيمِ فَاقْرَءُوهَا جُمُعَةً، يَعْنِي بِضَمِ الْمِيمِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ: وَالتَّخْفِيفُ أَقْيَسُ وَأَحْسَنُ، نَحْوَ غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَطُرْفَةٍ وَطُرَفٍ، وَحُجْرَةٍ وَحُجَرٍ. وَفَتْحُ الْمِيمِ لُغَةُ بَنِي عَقِيلٍ. وَقِيلَ: إِنَّهَا لُغَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ سَلْمَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّمَا سُمِّيَتْ جُمُعَةً لِأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ فِيهَا خَلْقَ آدَمَ). وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَغَ فِيهَا مِنْ خَلْقِ كل شي فَاجْتَمَعَتْ فِيهَا الْمَخْلُوقَاتُ. وَقِيلَ: لِتَجْتَمِعَ الْجَمَاعَاتُ فِيهَا. وقيل: لاجتماع الناس فيها للصلاة. ومِنْ بِمَعْنَى فِي، أَيْ فِي يَوْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ «١» [فاطر: ٤٠] أَيْ فِي الْأَرْضِ. الثَّانِيَةُ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: أَوَّلُ مَنْ قَالَ:" أَمَّا بَعْدُ" كَعْبُ بْنُ لوي، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَمَّى الْجُمُعَةَ جُمُعَةً. وَكَانَ يُقَالُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ: الْعَرُوبَةُ. وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سماها جمعة الأنصار.
(١). راجع ج ١٥ ص ٥٨