يَطُوفُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى الْأَبْرَارِ وِلْدانٌ عَالِيًا الْأَبْرَارَ ثِيَابٌ سُنْدُسٌ، أَيْ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْوِلْدَانِ، أَيْ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً فِي حَالِ عُلُوِّ الثِّيَابِ أَبْدَانَهُمْ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: الْعَامِلُ فِي الْحَالِ إِمَّا لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَإِمَّا جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا فَصُرِفَ. الْمَهْدَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمَ فَاعِلٍ ظَرْفًا، كَقَوْلِكَ هُوَ نَاحِيَةٌ مِنَ الدَّارِ، وَعَلَى أَنَّ عَالِيًا لَمَّا كَانَ بِمَعْنَى فَوْقَ أُجْرِيَ مَجْرَاهُ فَجُعِلَ ظَرْفًا. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ خُضْرٌ بِالْجَرِّ عَلَى نَعْتِ السُّنْدُسِ وَإِسْتَبْرَقٌ بِالرَّفْعِ نَسَقًا عَلَى الثِّيَابِ، وَمَعْنَاهُ عَالِيَهُمْ [ثِيَابٌ «١»] سُنْدُسٌ وَإِسْتَبْرَقٌ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ خُضْرٌ رَفْعًا نَعْتًا لِلثِّيَابِ وَإِسْتَبْرَقٌ بِالْخَفْضِ نَعْتًا لِلسُّنْدُسِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِجَوْدَةِ مَعْنَاهُ، لِأَنَّ الْخُضْرَ أَحْسَنُ مَا كَانَتْ نَعْتًا لِلثِّيَابِ فَهِيَ مَرْفُوعَةٌ، وَأَحْسَنُ مَا عُطِفَ الْإِسْتَبْرَقُ عَلَى السُّنْدُسِ عَطْفَ جِنْسٍ عَلَى جِنْسٍ، وَالْمَعْنَى: عَالِيهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، أَيْ مِنْ هَذَيْنَ النَّوْعَيْنِ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحَفْصٌ كِلَاهُمَا بِالرَّفْعِ وَيَكُونُ خُضْرٌ نَعْتًا لِلثِّيَابِ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَإِسْتَبْرَقٌ عَطْفًا عَلَى الثِّيَابِ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَابْنُ وَثَّابٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ كِلَاهُمَا بِالْخَفْضِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: خُضْرٌ نَعْتًا لِلسُّنْدُسِ، وَالسُّنْدُسُ اسْمُ جِنْسٍ، وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ وَصْفَ اسْمِ الْجِنْسِ بِالْجَمْعِ عَلَى اسْتِقْبَاحٍ لَهُ، وَتَقُولُ: أَهْلَكَ النَّاسُ الدِّينَارَ الصُّفْرَ وَالدِّرْهَمَ الْبِيضَ، وَلَكِنَّهُ مُسْتَبْعَدٌ فِي الْكَلَامِ. وَالْمَعْنَى عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: عَالِيهِمْ ثِيَابٌ سُنْدُسٌ خُضْرٌ وَثِيَابٌ إِسْتَبْرَقٌ. وَكُلُّهُمْ صَرَفَ الْإِسْتَبْرَقَ إِلَّا ابْنَ مُحَيْصِنٍ، فَإِنَّهُ فَتَحَهُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ فَقَرَأَ (وَإِسْتَبْرَقَ) نَصْبًا فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ، عَلَى مَنْعِ الصَّرْفِ، لِأَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ، وَهُوَ غَلَطٌ، لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ يَدْخُلُهُ حَرْفُ التَّعْرِيفِ، تَقُولُ الْإِسْتَبْرَقَ إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ [ابْنُ مُحَيْصِنٍ «٢»] أَنَّهُ قَدْ يُجْعَلُ علما لهذا الضرب من الثياب. وقرى (وَاسْتَبْرَقُ) بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَالْفَتْحِ عَلَى أَنَّهُ سُمِّيَ بِاسْتَفْعَلَ مِنَ الْبَرِيقِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا، لِأَنَّهُ مُعَرَّبٌ مَشْهُورٌ تَعْرِيبُهُ، وَأَنَّ أَصْلَهُ اسْتَبْرَكَ «٣» وَالسُّنْدُسُ: مَا رَقَّ مِنَ الدِّيبَاجِ. وَالْإِسْتَبْرَقُ: مَا غَلُظَ منه. وقد تقدم «٤».
(٢). زيادة من ا، ح.
(٣). في الأصل إستبرق وهو تحريف والتصويب من القاموس الفارسي. وفي الألفاظ الفارسية وشرح القاموس أصله: (استبره). [..... ]
(٤). راجع ج ١٠ ص ٣٩٧ وج ١٧ ص ١٧٩