يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ أَيْ يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ رَاحِمًا لَهُ وَالظَّالِمِينَ أَيْ وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ فَنَصْبُهُ بِإِضْمَارِ يُعَذِّبُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: نَصَبَ الظَّالِمِينَ لان قبله منصوب، أَيْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ أَيِ الْمُشْرِكِينَ وَيَكُونُ أَعَدَّ لَهُمْ تَفْسِيرًا لِهَذَا الْمُضْمَرِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
أَصْبَحْتُ لَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ وَلَا | أَمْلِكُ رَأْسَ الْبَعِيرِ إِنْ نَفَرَا |
وَالذِّئْبَ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ | وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالْمَطَرَا |
[تفسير سورة المرسلات]
سُورَةُ الْمُرْسَلَاتِ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَجَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ إِلَّا آيَةً مِنْهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ [المرسلات: ٤٨] مَدَنِيَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نَزَلَتْ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ وَنَحْنُ مَعَهُ نَسِيرُ، حَتَّى أَوَيْنَا إِلَى غَارٍ بِمِنًى فَنَزَلَتْ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَلَقَّاهَا مِنْهُ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ حَيَّةٌ، فَوَثَبْنَا عَلَيْهَا لِنَقْتُلَهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وُقِيتُمْ شَرَّهَا كَمَا وُقِيَتْ شَرَّكُمْ). وَعَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَرَأْتُ سُورَةَ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَسَمِعَتْنِي أُمُّ الْفَضْلِ امْرَأَةُ الْعَبَّاسِ، فَبَكَتْ وَقَالَتْ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ لَقَدْ أَذْكَرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. وَاللَّهُ أعلم. وهي خمسون آية.
(١). راجع ج ١ ص ١٩٨