وَقَالَ آخَرُ «١»:

وَلَقَدْ قُلْتُ وَزَيْدٌ حَاسِرٌ يَوْمَ وَلَّتْ خَيْلُ عَمْرٍو قِدَدَا
وَالْقِدُّ بِالْكَسْرِ: سَيْرٌ يقد من جلد غير مدبوغ، ويقال: ماله قِدٌّ وَلَا قِحْفٌ، فَالْقِدُّ: إِنَاءٌ مِنْ جِلْدٍ، وَالْقِحْفُ: مِنْ خَشَبٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ الظَّنُّ هُنَا بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّنِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ [الجن: ٥]، وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا [الجن: ٧] أَيْ عَلِمْنَا بِالِاسْتِدْلَالِ وَالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ، أَنَّا فِي قَبْضَتِهِ وَسُلْطَانِهِ، لَنْ نَفُوتَهُ بِهَرَبٍ ولا غيره. وهَرَباً مصدر في موضع الحال أي هاربين.
[سورة الجن (٧٢): الآيات ١٣ الى ١٥]
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى يَعْنِي الْقُرْآنَ آمَنَّا بِهِ وَبِاللَّهِ، وَصَدَّقْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسَالَتِهِ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثًا إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ. قَالَ الْحَسَنُ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَلَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ رَسُولًا مِنَ الْجِنِّ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَلَا مِنَ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [يوسف: ١٠٩] وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى «٢». وَفِي الصَّحِيحِ:" وَبُعِثْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ" أَيِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ. (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) قال ابن عباس: لا يخاف
(١). هو لبيد صاحب البيت الذي قبله كما في فتح القدير للشوكاني.
(٢). راجع ج ٩ ص ٢٧٤


الصفحة التالية
Icon