عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَرَآهَا، فَلَمَّا بَلَغَا عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ قَالَا لِهَذَا أُجْرِيَتِ الْقِصَّةُ، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ مِنْ عَمَلِهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَهُ [وَيَنْظُرُ «١» أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ] بَيْنَ يَدَيْهِ، فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ) وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قسم وَقَعَ عَلَى قَوْلِهِ: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ كَمَا يُقَالُ: إِذَا نَفَرَ زَيْدٌ نَفَرَ عَمْرٌو. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ إِلَى قَوْلِهِ: وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ اثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً: سِتَّةٌ فِي الدُّنْيَا، وَسِتَّةٌ فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا السِّتَّةَ الْأُولَى بِقَوْلِ أُبَيِّ بن كعب.
[سورة التكوير (٨١): الآيات ١٥ الى ٢٢]
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩)
ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ) أَيْ أقسم، وفَلا زائدة، كما تقدم. (بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) هِيَ الْكَوَاكِبُ الْخَمْسَةُ الدَّرَارِيُّ: زُحَلُ وَالْمُشْتَرِي وَعُطَارِدُ وَالْمِرِّيخُ وَالزُّهَرَةُ، فِيمَا ذَكَرَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. وَفِي تَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النُّجُومِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لِأَنَّهَا تَسْتَقْبِلُ الشَّمْسَ، قَالَهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ. الثَّانِي: لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الْمَجَرَّةَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الحسن وقتادة: هي النجوم التي تخنس