الْأُولَى- رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَكْرِمُوا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ الَّذِينَ لَا يفارقونكم إلا عند حدى حَالَتَيْنِ: الْخِرَاءَةِ»
أَوِ الْجِمَاعِ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ بِجِرْمِ [حَائِطٍ «٢»] أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ لِيَسْتُرْهُ أَخُوهُ). وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (لَا يَزَالُ الْمَلَكُ مُولِيًا عَنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ بَادِيَ الْعَوْرَةَ) وَرُوِيَ (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ لَعَنَهُ مَلَكَاهُ). الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكُفَّارِ هَلْ عَلَيْهِمْ حَفَظَةٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا، لِأَنَّ أَمْرَهُمْ ظَاهِرٌ، وَعَمَلَهُمْ وَاحِدٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ [الرحمن: ٤١]. وَقِيلَ: بَلْ عَلَيْهِمْ حَفَظَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ. وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ [الانفطار: ١٢ - ٩]. وقال: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ [الحاقة: ٢٥] وَقَالَ: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ [الانشقاق: ١٠]، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَكُونُ لَهُمْ كِتَابٌ، وَيَكُونُ عَلَيْهِمْ حَفَظَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ أي شي يَكْتُبُ وَلَا حَسَنَةَ لَهُ؟ قِيلَ لَهُ: الَّذِي يَكْتُبُ عَنْ شِمَالِهِ يَكُونُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثَةُ- سُئِلَ سُفْيَانُ: كَيْفَ تَعْلَمُ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ سَيِّئَةٍ؟ قَالَ: إِذَا هَمَّ الْعَبْدُ بِحَسَنَةٍ وَجَدُوا مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ وَجَدُوا مِنْهُ ريح النتن. وقد مضى في" ق" «٣» عند قَوْلُهُ: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: ١٨] زِيَادَةُ بَيَانٍ لِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَدْ كَرِهَ العلماء الكلام عند الْغَائِطِ وَالْجِمَاعِ، لِمُفَارَقَةِ الْمَلَكِ الْعَبْدَ عِنْدَ ذَلِكَ. وَقَدْ مَضَى فِي آخِرِ" آلِ عِمْرَانَ" «٤» الْقَوْلُ فِي هَذَا. وَعَنِ الْحَسَنِ: يَعْلَمُونَ لَا يَخْفَى عليهم شي مِنْ أَعْمَالِكُمْ. وَقِيلَ: يَعْلَمُونَ مَا ظَهَرَ مِنْكُمْ دُونَ مَا حَدَّثْتُمْ بِهِ أَنْفُسَكُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(٢). الزيادة من الدر المنثور وفية. سبب ورود الحديث أنه عليه السلام رأى رجلا يغتسل بفلاة من الأرض...... إلخ.
(٣). راجع ج ١٧ ص (١١)
(٤). راجع ٤ ص ٣١٠ فما بعدها.