قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ بِئْرِ حُورٍ، وَ" لَا" زَائِدَةٌ. وَرُوِيَ" بَعْدَ الْكَوْنِ" «١» وَمَعْنَاهُ مِنَ انتشار الامر بعد تمامه. وسيل مَعْمَرٌ عَنِ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ، فَقَالَ: هُوَ الْكُنْتِيُّ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَمَا الْكُنْتِيُّ؟ فَقَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ صَالِحًا ثُمَّ يَتَحَوَّلُ رَجُلَ سُوءٍ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا شَاخَ: كُنْتِيُّ، كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى قَوْلِهِ: كُنْتُ فِي شَبَابِي كَذَا. قَالَ:
فَأَصْبَحْتُ كُنْتِيًّا وَأَصْبَحْتُ عَاجِنًا | وَشَرُّ خِصَالِ الْمَرْءِ كُنْتُ وَعَاجِنُ |
[سورة الانشقاق (٨٤): الآيات ١٦ الى ٢١]
فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠)
وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (٢١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا أُقْسِمُ) أَيْ فأقسم وفَلا صِلَةٌ. (بِالشَّفَقِ) أَيْ بِالْحُمْرَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ حَتَّى تَأْتِيَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةَ. قَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُمْ، كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ عَنْ مَالِكٍ: الشَّفَقُ الْحُمْرَةُ الَّتِي فِي الْمَغْرِبِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَوَجَبَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَشَدَّادِ بن أوس
(١). الكون هنا: مصدر كان التامة بقال: كان يكون كونا: أي وجد واستقر. (النهاية).