قال: تأويل الآية وعملك فأصلح، قال مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ. وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: يَقُولُ وَعَمَلَكَ فَأَصْلِحْ، قَالَ: وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ خَبِيثَ الْعَمَلِ قَالُوا إِنَّ فُلَانًا خَبِيثُ الثِّيَابِ، وَإِذَا كَانَ حَسَنَ الْعَمَلِ قَالُوا إِنَّ فُلَانًا طَاهِرُ الثِّيَابِ، وَنَحْوَهُ عَنِ السُّدِّيِّ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

لَا هُمَّ إِنَّ عَامِرَ بن جهم أو ذم حَجًّا فِي ثِيَابٍ دُسْمِ «١»
وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: [يُحْشَرُ الْمَرْءُ «٢» فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ مَاتَ عَلَيْهِمَا [يَعْنِي عَمَلَهُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي قَالَ: إِنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ وَقَلْبَكَ فَطَهِّرْ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، دَلِيلُهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ «٣»
أَيْ قَلْبِي مِنْ قَلْبِكَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَهُمْ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- مَعْنَاهُ وَقَلْبَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الْإِثْمِ وَالْمَعَاصِي، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ. الثَّانِي- وَقَلْبَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الْغَدْرِ، أَيْ لَا تَغْدِرْ فَتَكُونَ دَنِسَ الثِّيَابِ. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ:
فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ قَالَ: تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَنَفْسَكَ فَطَهِّرْ، أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ. وَالْعَرَبُ تَكُنِّي عَنِ النَّفْسِ بِالثِّيَابِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَسُلِّيَ ثِيَابِي من ثيابك تنسل
(١). ثياب دسم: متلطخة بالذنوب. وفي، ح، ز: (أو دم) بالدال المهملة وهو تحريف. ومعنى البيت: أنه حج وهو متدنس بالذنوب. وأوذم الحج: أوجبه.
(٢). في ا، ح: (المؤمن). [..... ]
(٣). صدر البيت:
وإن كنت قد ساءتك منى خليقة


الصفحة التالية
Icon