وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ، أَيْ مُنَفِّرَةٌ مَذْعُورَةٌ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ. الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ، أَيْ نَافِرَةٌ. يُقَالُ. نَفَرَتْ وَاسْتَنْفَرَتْ بِمَعْنًى، مِثْلَ عَجِبْتُ وَاسْتَعْجَبْتُ، وَسَخِرْتُ وَاسْتَسْخَرْتُ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
أَمْسِكْ حِمَارَكَ إِنَّهُ مُسْتَنْفِرٌ | فِي إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ «١» |
قَوْلُهُ تَعَالَى
«٢»: فَرَّتْ أَيْ نَفَرَتْ وَهَرَبَتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ أَيْ مِنْ رُمَاةٍ يَرْمُونَهَا. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: إِنَّ الْقَسْوَرَةَ الرامي، وجمعه القسورة. وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ كَيْسَانَ: الْقَسْوَرَةُ: هُمُ الرُّمَاةُ وَالصَّيَّادُونَ، وَرَوَاهُ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو [ظَبْيَانَ
«٣»] عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ. وَقِيلَ: إِنَّهُ الْأَسَدُ، قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا. ابْنُ عَرَفَةَ: مِنَ الْقَسْرِ بِمَعْنَى الْقَهْرِ أَيْ، إِنَّهُ يَقْهَرُ السِّبَاعَ، وَالْحُمُرَ الْوَحْشِيَّةَ تَهْرُبُ مِنَ السِّبَاعِ. وَرَوَى أَبُو جَمْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أَعْلَمُ الْقَسْوَرَةَ الْأَسَدَ فِي لُغَةِ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَلَكِنَّهَا عُصَبُ الرِّجَالِ، قَالَ: فَالْقَسْوَرَةُ جَمْعُ الرِّجَالِ، وَأَنْشَدَ:
يَا بِنْتُ كُونِي خَيْرَةً لِخَيِّرِهْ | أَخْوَالُهَا الْجِنُّ وَأَهْلُ الْقَسْوَرَهْ |
وَعَنْهُ: رِكْزُ النَّاسِ أَيْ حِسُّهُمْ وَأَصْوَاتُهُمْ. وَعَنْهُ أَيْضًا: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ أَيْ مِنْ حِبَالِ الصَّيَّادِينَ. وَعَنْهُ أَيْضًا: الْقَسْوَرَةُ بِلِسَانِ الْعَرَبِ: الْأَسَدُ، وَبِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الرُّمَاةُ، وَبِلِسَانِ فَارِسَ: شِيرَ، وَبِلِسَانِ النَّبَطِ: أَرَيَا. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْقَسْوَرَةُ: أَوَّلُ اللَّيْلِ، أَيْ فَرَّتْ مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ. وَقَالَهُ عِكْرِمَةُ أَيْضًا. وَقِيلَ: هُوَ أَوَّلُ سَوَادِ اللَّيْلِ، وَلَا يُقَالُ لِآخِرِ سَوَادِ اللَّيْلِ قَسْوَرَةٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: مِنْ رِجَالٍ أَقْوِيَاءَ، وَكُلُّ شَدِيدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ فَهُوَ قَسْوَرَةٌ وَقَسْوَرٌ. وَقَالَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ:
إِذَا مَا هَتَفْنَا هَتْفَةً فِي ندينا | أتانا الرجال العائدون القساور |