هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ فِيهِ مَعْنَى الْجَوَابِ عَمَّا سَأَلَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ كَأَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ. وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَالْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ بَرِقَ وَمَعْنَاهُ: تَحَيَّرَ فَلَمْ يَطْرِفْ، قَالَهُ أَبُو عَمْرٍو وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ تَعَرَّضَتْ | لَعَيْنَيْهِ مَيٌّ سَافِرًا كَادَ يَبْرَقُ |
الْفَرَّاءُ وَالْخَلِيلُ: بَرِقَ بِالْكَسْرِ: فَزِعَ وَبُهِتَ وَتَحَيَّرَ
«١». وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْإِنْسَانِ الْمُتَحَيِّرِ الْمَبْهُوتِ: قَدْ بَرِقَ فَهُوَ بَرِقٌ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
فَنَفْسَكَ قانع وَلَا تَنْعَنِي | وَدَاوِ الْكُلُومَ وَلَا تَبْرَقِ «٢» |
أَيْ لَا تَفْزَعْ مِنْ كَثْرَةِ الْكُلُومِ الَّتِي بِكَ. وَقِيلَ: بَرَقَ يَبْرَقُ بِالْفَتْحِ: شَقَّ عَيْنَيْهِ وَفَتَحَهُمَا. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الْكِلَابِيِّ:
لَمَّا أَتَانِي ابْنُ عُمَيْرٍ رَاغِبًا | أَعْطَيْتُهُ عِيسًا صِهَابًا فَبَرَقَ «٣» |
أَيْ فَتَحَ عَيْنَيْهِ. وَقِيلَ: إِنَّ كَسْرَ الرَّاءِ وَفَتْحَهَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) أَيْ ذَهَبَ ضَوْءُهُ. وَالْخُسُوفُ فِي الدُّنْيَا إِلَى انْجِلَاءٍ، بِخِلَافِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ ضَوْءُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى غَابَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ [القصص: ٨١]. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَعِيسَى وَالْأَعْرَجُ: (وَخُسِفَ الْقَمَرُ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ: إِذَا ذَهَبَ بَعْضُهُ فَهُوَ الْكُسُوفُ، وَإِذَا ذَهَبَ كُلُّهُ فَهُوَ الْخُسُوفُ (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) أَيْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي ذَهَابِ ضَوْئِهِمَا، فَلَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ كَمَا لَا ضَوْءَ لِلْقَمَرِ بَعْدَ خُسُوفِهِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَمْ يَقُلْ جُمِعَتْ، لِأَنَّ الْمَعْنَى جُمِعَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ عَلَى تَغْلِيبِ الْمُذَكَّرِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، كَأَنَّهُ قال الضوءان. المبرد: التأنيث