الْعَاشِرَةُ- فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ. وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ: قَصُّهَا، وَالْقُلَامَةُ مَا يُزَالُ مِنْهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: أُحِبُّ لِلنِّسَاءِ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ مِثْلَ ما هو على الرجال. ذكره الحارث ابن مِسْكِينٍ وَسَحْنُونُ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي" نَوَادِرِ الْأُصُولِ" لَهُ (الْأَصْلُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ): حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ بِلَالٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بِشْرِ الْمَازِنِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قُصُّوا أَظَافِيركُمْ وَادْفِنُوا قُلَامَاتكُمْ وَنَقُّوا بَرَاجِمَكُمْ وَنَظِّفُوا لِثَاتَكُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَتَسَنَّنُوا وَلَا تَدْخُلُوا عَلَيَّ قُخْرًا بُخْرًا «١» ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَحْسَنَ. قَالَ التِّرْمِذِيِّ: فَأَمَّا قَصُّ الْأَظْفَارِ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَخْدِشُ وَيَخْمِشُ وَيَضُرُّ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْوَسَخِ، فَرُبَّمَا أَجْنَبَ وَلَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى الْبَشَرَةِ مِنْ أَجْلِ الْوَسَخِ فَلَا يَزَالُ جُنُبًا. وَمَنْ أَجْنَبَ فَبَقِيَ مَوْضِعُ إِبْرَةٍ مِنْ جَسَدِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ غَيْرَ مَغْسُولٍ فَهُوَ جُنُبٌ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يَعُمَّ الْغُسْلُ جَسَدَهُ كُلَّهُ، فَلِذَلِكَ نَدَبَهُمْ إِلَى قَصِّ الْأَظْفَارِ. وَالْأَظَافِيرُ جَمْعُ الْأُظْفُورِ، وَالْأَظْفَارُ جَمْعُ الظُّفْرِ. وَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ سَهَا فِي صَلَاتِهِ فَقَالَ: (وَمَا لِي لَا أُوهِمُ وَرَفْغُ «٢» أَحَدِكُمْ بَيْنَ ظُفْرِهِ وَأُنْمُلَتِهِ وَيَسْأَلُنِي أَحَدُكُمْ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَفِي أَظَافِيرِهِ الْجَنَابَةُ وَالتَّفَثُ). وَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِإلْكِيَا فِي" أَحْكَامِ الْقُرْآنِ" لَهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ فَرَجِ أَبِي وَاصِلٍ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَصَافَحْتُهُ، فَرَأَى فِي أَظْفَارِي طُولًا فَقَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأله عن خبر السماء فقال: (يحي أَحَدُكُمْ يَسْأَلُ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأَظْفَارُهُ كَأَظْفَارِ الطَّيْرِ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهَا الْوَسَخُ وَالتَّفَثُ). وَأَمَّا قَوْلُهُ: (ادْفِنُوا قُلَامَاتُكُمْ) فَإِنَّ جَسَدَ الْمُؤْمِنِ ذُو حُرْمَةٍ، فَمَا سَقَطَ مِنْهُ وَزَالَ عَنْهُ فَحِفْظُهُ مِنَ الْحُرْمَةِ قَائِمٌ، فَيَحِقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفِنَهُ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ دُفِنَ، فَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا تُقَامُ حُرْمَتُهُ بِدَفْنِهِ، كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ وَلَا يَقَعَ فِي النَّارِ أَوْ فِي مَزَابِلَ قَذِرَةٍ. وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ
(٢). الرفع: الوسخ الذي بين الأنملة والظفر.