الثَّالِثَةُ- فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْحُكْمِ بِالظَّنِّ، لِأَنَّهُ إِذَا ظَنَّ قَصْدَ الْفَسَادِ وَجَبَ السَّعْيُ فِي الصَّلَاحِ. وَإِذَا تَحَقَّقَ الْفَسَادُ لَمْ يَكُنْ صُلْحًا إِنَّمَا يَكُونُ حُكْمًا بِالدَّفْعِ وَإِبْطَالًا لِلْفَسَادِ وَحَسْمًا لَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ" عُطِفَ عَلَى" خافَ"، وَالْكِنَايَةُ عَنِ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَجْرِ لَهُمْ ذِكْرٌ لِأَنَّهُ قَدْ عُرِفَ الْمَعْنَى، وَجَوَابُ الشَّرْطِ" فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ". الرَّابِعَةُ- لَا خِلَافَ أَنَّ الصَّدَقَةَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالصِّحَّةِ أَفْضَلُ مِنْهَا عِنْدَ الْمَوْتِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ سُئِلَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: (أَنْ تَصَّدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ) الْحَدِيثَ، أَخْرَجَهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَأَنْ يَتَصَدَّقَ الْمَرْءُ فِي حَيَاتِهِ بِدِرْهَمٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِمِائَةٍ). وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الَّذِي يُنْفِقُ أَوْ يَتَصَدَّقُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَثَلُ الذي يهدي بعد ما يَشْبَعُ). الْخَامِسَةُ- مَنْ لَمْ يَضُرَّ فِي وَصِيَّتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا تَرَكَ مِنْ زَكَاتِهِ. رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَأَوْصَى فَكَانَتْ وَصِيَّتُهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا تَرَكَ مِنْ زَكَاتِهِ). فَإِنْ ضَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَهِيَ: السَّادِسَةُ- فَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ (. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الرَّجُلَ أَوِ الْمَرْأَةَ لَيَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ). وَتَرْجَمَ النَّسَائِيُّ" الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ جَنَفَ «١» فِي وَصِيَّتِهِ" أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ أَنْبَأَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ عَنِ الْحَسَنِ «٢» عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ موته ولم يكن له مال
(٢). كذا في النسائي. وفى الأصول:" عن الحسن عن سمرة عن عمران".