السَّادِسَةَ عَشْرَةَ- وَإِذَا طَهُرَتِ الْمَرْأَةُ لَيْلًا فِي رَمَضَانَ فَلَمْ تَدْرِ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، صَامَتْ وَقَضَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ احْتِيَاطًا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا. السَّابِعَةَ عَشْرَةَ- رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:" أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ (. مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَصَحَّحَ أَحْمَدُ حَدِيثَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَصَحَّحَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ التَّغْرِيرِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: حَدِيثُ شَدَّادٍ وَرَافِعٍ وَثَوْبَانَ عِنْدَنَا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ صَائِمًا مُحْرِمًا، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَامَ الْفَتْحِ عَلَى رَجُلٍ يَحْتَجِمُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ فَقَالَ: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ). وَاحْتَجَمَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ، فَإِذَا كَانَتْ حَجَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَهِيَ نَاسِخَةٌ لَا مَحَالَةَ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يدرك بَعْدَ ذَلِكَ رَمَضَانُ، لِأَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي رَبِيعٍ الأول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ" أمروا يقتضي الوجوب من غير خلاف. و" إلى" غَايَةٌ، فَإِذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا مِنْ جِنْسِ ما قبلها فهو داخل في حكمه، كقولك: اشْتَرَيْتُ الْفَدَّانَ إِلَى حَاشِيَتِهِ، أَوِ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ إِلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ- وَالْمَبِيعُ شَجَرٌ، فَإِنَّ الشَّجَرَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْمَبِيعِ. بِخِلَافِ قَوْلِكَ: اشْتَرَيْتُ الْفَدَّانَ إِلَى الدَّارِ، فَإِنَّ الدَّارَ لا تدخل في المحدود إذ ليست مِنْ جِنْسِهِ. فَشَرَطَ تَعَالَى تَمَامَ الصَّوْمِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اللَّيْلُ، كَمَا جَوَّزَ الْأَكْلَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ النهار. التاسعة عشرة- ومن تَمَامِ الصَّوْمِ اسْتِصْحَابُ النِّيَّةِ دُونَ رَفْعِهَا، فَإِنْ رَفَعَهَا فِي بَعْضِ النَّهَارِ وَنَوَى الْفِطْرَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ فَجَعَلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُفْطِرًا وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ عَلَى صَوْمِهِ، قَالَ: وَلَا يُخْرِجُهُ مِنَ الصَّوْمِ إِلَّا الْإِفْطَارُ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ بِالنِّيَّةِ.


الصفحة التالية
Icon