وَأَصْحَابُهُ: عَلَيْهِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ الَّتِي لَا تُكَالُ وَلَا تُوزَنُ الْقِيمَةُ لَا الْمِثْلُ، بِدَلِيلِ تَضْمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ قِيمَةَ نِصْفِ شَرِيكِهِ، وَلَمْ يُضَمِّنْهُ مِثْلَ نِصْفِ عَبْدِهِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَضْمِينِ الْمِثْلِ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (طَعَامٌ بِطَعَامٍ). السَّابِعَةُ- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَصْلٌ فِي الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ، فَمَنْ قَتَلَ بِشَيْءٍ قُتِلَ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، مَا لَمْ يَقْتُلْهُ بِفِسْقٍ كَاللُّوطِيَّةِ وَإِسْقَاءِ الْخَمْرِ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ: إِنَّهُ يُقْتَلُ بِذَلِكَ، فَيُتَّخَذُ عُودٌ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَيُطْعَنُ بِهِ فِي دُبُرِهِ حَتَّى يَمُوتَ، وَيُسْقَى عَنِ الْخَمْرِ مَاءٌ حَتَّى يَمُوتَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إِنَّ مَنْ قَتَلَ بِالنَّارِ أَوْ بِالسُّمِّ لَا يُقْتَلُ بِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ، إِلَّا اللَّهُ). وَالسُّمُّ نَارٌ بَاطِنَةٌ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِذَلِكَ، لِعُمُومِ الْآيَةِ. الثَّامِنَةُ- وَأَمَّا الْقَوَدُ بِالْعَصَا فَقَالَ مَالِكٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: إِنَّهُ إِنْ كَانَ فِي الْقَتْلِ بِالْعَصَا تَطْوِيلٌ وَتَعْذِيبٌ قَتَلَ بِالسَّيْفِ، رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَفِي الْأُخْرَى: يُقْتَلُ بِهَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْحَجَرِ وَالْعَصَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِمَا إِذَا كَانَتِ الضَّرْبَةُ مُجْهِزَةً، فَأَمَّا أَنْ يَضْرِبَ ضَرَبَاتٍ فَلَا. وَعَلَيْهِ لَا يُرْمَى بِالنَّبْلِ وَلَا بِالْحِجَارَةِ لِأَنَّهُ مِنَ التَّعْذِيبِ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:" وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ وَاجِبَةٌ، إِلَّا أَنْ تَدْخُلَ فِي حَدِّ التَّعْذِيبِ فَلْتُتْرَكْ إِلَى السَّيْفِ". وَاتَّفَقَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ إِذَا قطع يده ورجله وفقا عينه بقصد التَّعْذِيبِ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتَلَةِ الرِّعَاءِ «١». وَإِنْ كَانَ فِي مُدَافَعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ قُتِلَ بِالسَّيْفِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى خِلَافِ هَذَا كُلِّهِ فَقَالُوا: لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ أَبِي حنيفة والثعلبي والنخعي.