الْبَرْكَعَةُ: الْقِيَامُ عَلَى أَرْبَعٍ. وَبَرْكَعَهُ فَتَبَرْكَعَ، أَيْ صَرَعَهُ فَوَقَعَ عَلَى اسْتِهِ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ. وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ، فِيمَا رَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَكَانَ يَلْمِزُ النَّاسَ وَيَعِيبُهُمْ: مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ يَغْتَابُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَائِهِ، وَيَقْدَحُ فِيهِ فِي وَجْهِهِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أُبَيِّ بن خلف. وقيل: في جميل ابن عَامِرٍ الثَّقَفِيِّ «١». وَقِيلَ: إِنَّهَا مُرْسَلَةٌ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لَيْسَتْ بِخَاصَّةٍ لِأَحَدٍ، بَلْ لِكُلِّ مَنْ كانت هذه صفته. وقال الفراء: بجوز أَنْ يُذْكَرَ الشَّيْءُ الْعَامُّ وَيُقْصَدَ بِهِ الْخَاصُّ، قَصْدَ الْوَاحِدِ إِذَا قَالَ: لَا أَزُورُكَ أَبَدًا. فَتَقُولُ: مَنْ لَمْ يَزُرْنِي فَلَسْتُ بِزَائِرِهِ، يَعْنِي ذلك القائل.
[سورة الهمزة (١٠٤): آية ٢]
الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢)
أَيْ أَعَدَّهُ- زَعَمَ- لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ، مِثْلُ كَرُمَ وَأَكْرَمَ. وَقِيلَ: أَحْصَى عَدَدَهُ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ أَعَدَّ مَالَهُ لِمَنْ يَرِثُهُ مِنْ أَوْلَادِهِ. وَقِيلَ: أَيْ فَاخَرَ بِعَدَدِهِ وَكَثْرَتِهِ. وَالْمَقْصُودُ الذَّمُّ عَلَى إِمْسَاكِ الْمَالِ عَنْ سَبِيلِ الطَّاعَةِ. كَمَا قَالَ: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ «٢» [ق: ٢٥]، وقال: وجَمَعَ فَأَوْعى «٣» [المعارج: ١٨]. وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ جَمَعَ مُخَفَّفُ الْمِيمِ. وَشَدَّدَهَا ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ عَلَى التَّكْثِيرِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، لِقَوْلِهِ: وَعَدَّدَهُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ جَمَعَ مُخَفَّفًا، (وَعَدَدَهُ) مُخَفَّفًا أَيْضًا، فَأَظْهَرُوا التَّضْعِيفَ، لِأَنَّ أَصْلَهُ عَدَّهُ وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمُصْحَفِ بِدَالَيْنِ. وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الشِّعْرِ، لَمَّا أَبْرَزُوا التَّضْعِيفَ خففوه. قال:
مهلا «٤» أمامة قد جريت مِنْ خُلُقِي | إِنِّي أَجُودُ لِأَقْوَامٍ وَإِنْ ضَنِنُوا |
(٢). آية ٢٥ سورة ق، وآية ١٢ سورة ن.
(٣). آية ١٨ سورة المعارج.
(٤). في اللسان وكتاب سيبويه: (مهلا أعاذل). وقد نسياه لقعنب بن أم صاحب.