عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ]. صَحِيحٌ ثَابِتٌ، خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا. وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِمْ قُرَيْشًا عَلَى أَقْوَالٍ: أحدهما: لِتَجَمُّعِهِمْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَالتَّقَرُّشُ: التَّجَمُّعُ وَالِالْتِئَامُ. قَالَ أَبُو جِلْدَةَ الْيَشْكُرِيُّ: «١»

إِخْوَةٌ قَرَّشُوا الذُّنُوبَ عَلَيْنَا فِي حَدِيثٍ مِنْ دَهْرِهِمْ وَقَدِيمِ
الثَّانِي-: لِأَنَّهُمْ كَانُوا تُجَّارًا يَأْكُلُونَ مِنْ مَكَاسِبِهِمْ. وَالتَّقَرُّشُ: التَّكَسُّبُ. وَقَدْ قَرَشَ يَقْرُشُ قَرْشًا: إِذَا كَسَبَ وَجَمَعَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَبِهِ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ. الثَّالِثُ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُفَتِّشُونَ الْحَاجَّ «٢» مِنْ ذِي الْخَلَّةِ، فَيَسُدُّونَ خَلَّتَهُ. وَالْقَرْشُ: التَّفْتِيشُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيُّهَا الشَّامِتُ الْمُقَرِّشُ عَنَّا عِنْدَ عَمْرٍو فَهَلْ لَهُ إِبْقَاءُ «٣»
الرَّابِعُ: مَا رُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ لِمَ سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشًا؟ فَقَالَ: لِدَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَقْوَى دَوَابِّهِ يُقَالُ لَهَا الْقِرْشُ، تَأْكُلُ وَلَا تُؤْكَلُ، وَتَعْلُو وَلَا تُعْلَى. وَأَنْشَدَ قَوْلَ تُبَّعٍ:
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحْ - رَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
تَأْكُلُ الرَّثَّ وَالسَّمِينَ وَلَا تَتْ - رُكُ فِيهَا لِذِي جَنَاحَيْنِ رِيشَا
هَكَذَا فِي الْبِلَادِ حَيُّ قُرَيْشٍ يَأْكُلُونَ الْبِلَادَ أَكْلًا كَمِيشَا «٤»
وَلَهُمْ آخِرُ الزَّمَانِ نبي يكثر القتل فيهم والخموشا «٥»
[سورة قريش (١٠٦): آية ٢]
إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (٢)
قَرَأَ مُجَاهِدٌ وَحُمَيْدٌ" إِلْفِهِمْ" سَاكِنَةَ اللَّامِ بِغَيْرِ يَاءٍ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ. وَكَذَلِكَ رَوَتْ أَسْمَاءُ أَنَّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ" إلفهم". وروي عن ابن عباس
(١). ضبطه في التاج بكسر الجيم.
(٢). الحاج: جماعة الحجاج. والخلة (بالفتح): الحاجة والفقر.
(٣). البيت للحارث بن حلزة اليشكري في معلقته. وروايته كما في شرح المعلقات:
أيها الناطق المرقش عنا عند عمرو وهل لذاك بقاء
قال التبريزي: (المرقش: المزين القول بالباطل ليقبل منه الملك باطله. ويقال إنه يخاطب بها عمرو بن كلثوم. ومعنى (وهل لذاك بقاء): (إن الباطل لا يبقى). وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه.
(٤). أي سريعا.
(٥). الخموش: (جمع الخمش) وهو مثل الخدش يكون في البدن والوجه.


الصفحة التالية
Icon