ثَغْرَهُ. وَالْمَعْنَى: نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ، وَنَحْنُ نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نَبْعَثَهُ وَنُحْصِيَ عَلَيْهِ مَا عَمِلَهُ. وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: يَا بن آدَمَ، إِنْ نَازَعَكَ لِسَانُكَ فِيمَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ، فقد أعنتك عليه بطبقين، فأطبق، وإن نازعك بَصَرُكَ فِيمَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَيْنِ، فَأَطْبِقْ، وَإِنَّ نَازَعَكَ فَرْجُكَ إِلَى مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أَعَنْتُكَ عَلَيْهِ بِطَبَقَيْنِ، فَأَطْبِقْ (. وَالشَّفَةُ: أَصْلُهَا شَفَهَةٌ، حُذِفَتْ مِنْهَا الْهَاءُ، وَتَصْغِيرُهَا: شُفَيْهَةٌ، وَالْجَمْعُ: شِفَاهٌ. وَيُقَالُ: شَفَهَاتٌ وَشَفَواتٌ، وَالْهَاءُ أَقْيَسُ، وَالْوَاوُ أَعَمُّ، تَشْبِيهًا بِالسَّنَوَاتِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُقَالُ هَذِهِ شَفَةٌ فِي الْوَصْلِ وَشَفَهٌ، بِالتَّاءِ وَالْهَاءِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: نِعَمُ اللَّهِ ظَاهِرَةٌ، يُقَرِّرُكَ بها حتى تشكر.
[سورة البلد (٩٠): آية ١٠]
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)
يَعْنِي الطَّرِيقَيْنِ: طَرِيقَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَ الشَّرِّ. أَيْ بَيَّنَّاهُمَا لَهُ بِمَا أَرْسَلْنَاهُ مِنَ الرُّسُلِ. وَالنَّجْدُ. الطَّرِيقُ فِي ارْتِفَاعِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرهِمَا. وَرَوَى قَتَادَةُ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا هُمَا النَّجْدَانِ: نَجْدُ الْخَيْرِ، وَنَجْدُ الشَّرِّ، فلم نجعل نَجْدَ الشَّرِّ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ (. وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: النَّجْدَانِ: الثَّدْيَانِ. وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالضَّحَّاكِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لِأَنَّهُمَا كَالطَّرِيقَيْنِ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ وَرِزْقِهِ. فَالنَّجْدُ: الْعُلُوُّ، وَجَمْعُهُ نُجُودٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ" نَجْدٌ"، لِارْتِفَاعِهَا عَنِ انْخِفَاضِ تِهَامَةَ. فَالنَّجْدَانِ: الطَّرِيقَانِ الْعَالِيَانِ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَرِيقَانِ مِنْهُمْ «١» جَازِعٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ | وَآخَرُ مِنْهُمْ قاطع نجد كبكب |
فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١)
أَيْ فَهَلَّا أَنْفَقَ مَالَهُ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِي عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ، هَلَّا أَنْفَقَهُ لِاقْتِحَامِ الْعَقَبَةِ فَيَأْمَنَ! وَالِاقْتِحَامُ: الرَّمْيُ بالنفس في شي مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ، يُقَالُ مِنْهُ: قَحَمَ فِي الامر قحوما: أي رمى
غداة غدوا فسألك بطن نخلة
والجازع: القاطع. وبطن نخلة: موضع بين مكة والطائف. وكبكب: الجبل الأحمر الذي تجده بظهرك إذا وقفت بعرفة.