ابن زَيْدٍ وَأَبُو مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالنَّخَعِيُّ وَالضَّحَّاكُ، وَأَنَّ السِّرَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الزِّنَا، أَيْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ زِنًا، وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
فَلَا تَقْرَبَنَ جَارَةً إِنَّ سِرَّهَا | عَلَيْكَ حَرَامٌ فَانْكِحْنَ أَوْ تَأَبَّدَا |
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:وَيَحْرُمُ سِرُّ جَارَتِهِمْ عَلَيْهِمْ | وَيَأْكُلُ جَارُهُمْ أَنْفَ الْقِصَاعِ |
وَقِيلَ: السِّرُّ الْجِمَاعُ، أَيْ لَا تَصِفُوا أَنْفُسَكُمْ لَهُنَّ بِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ تَرْغِيبًا لَهُنَّ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ ذِكْرَ الْجِمَاعِ مَعَ غَيْرِ الزَّوْجِ فُحْشٌ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلَا زَعَمَتْ بَسْبَاسَةُ الْيَوْمَ أَنَّنِي | كَبِرْتُ وَأَلَّا يُحْسِنَ السِّرَّ أَمْثَالِي |
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
فكف عن إسرارها بعد العسق
أَيْ كُفَّ عَنْ جِمَاعِهَا بَعْدَ مُلَازَمَتِهِ لِذَلِكَ. وَقَدْ يَكُونُ السِّرُّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ، سِرًّا كَانَ أَوْ جَهْرًا، قَالَ الْأَعْشَى:
فَلَنْ يَطْلُبُوا سِرَّهَا لِلْغِنَى | وَلَنْ يُسْلِمُوهَا لِإِزْهَادِهَا |
وَأَرَادَ أَنْ يَطْلُبُوا نِكَاحَهَا لِكَثْرَةِ مَالِهَا، وَلَنْ يُسْلِمُوهَا لِقِلَّةِ مَالِهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ" وَلكِنْ لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا" أَنْ لَا تَنْكِحُوهُنَّ وَتَكْتُمُونَ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَّتْ أَظْهَرْتُمُوهُ وَدَخَلْتُمْ بِهِنَّ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَابْنِ زَيْدٍ عَلَى هَذَا قَائِلٌ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا شَذَّ فِي أَنْ سَمَّى الْعَقْدَ مُوَاعَدَةً، وَذَلِكَ قَلِقٌ. وَحَكَى مَكِّيٌّ وَالثَّعْلَبِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ". الثَّامِنَةُ- قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَطِيَّةَ: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الْمُوَاعَدَةِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا، وَلِلْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ، وَلِلسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَأَمَّا الْوَلِيُّ الَّذِي لَا يَمْلِكُ الْجَبْرَ فَأَكْرَهُهُ وَإِنْ نَزَلَ لَمْ أَفْسَخْهُ. وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ يُوَاعِدُ في العمدة ثُمَّ يَتَزَوَّجُ بَعْدَهَا: فِرَاقُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ، دُخِلَ بِهَا أَوْ لَمْ يُدْخَلْ، وَتَكُونُ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، فإذا