النَّاسِ، وَيُوشَعُ هُوَ فَتَى مُوسَى. وَذَكَرَ الْمُحَاسِبِيُّ أَنَّ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ خَبَرٌ عَنْ قَوْمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ نَالَتْهُمْ ذِلَّةٌ وَغَلَبَةُ عَدُوٍّ فَطَلَبُوا الْإِذْنَ فِي الْجِهَادِ وَأَنْ يُؤْمَرُوا بِهِ، فَلَمَّا أُمِرُوا كَعَّ «١» أَكْثَرُهُمْ وَصَبَرَ الْأَقَلُّ فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ هُمُ الَّذِينَ أُمِيتُوا ثُمَّ أُحْيُوا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (نُقاتِلْ) بِالنُّونِ وَالْجَزْمِ وَقِرَاءَةُ جُمْهُورِ الْقُرَّاءِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ. وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِالْيَاءِ وَرَفْعِ الْفِعْلِ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِلْمَلِكِ. قَوْلُهُ تعالى: (قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ) و" عَسَيْتُمْ" بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ لُغَتَانِ، وَبِالثَّانِيَةِ قَرَأَ نَافِعٌ، وَالْبَاقُونَ بِالْأُولَى وَهِيَ الْأَشْهَرُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَلَيْسَ لِلْكَسْرِ وَجْهٌ، وَبِهِ قَرَأَ الْحَسَنُ وَطَلْحَةُ. قَالَ مَكِّيٌّ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ: عَسٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَسْرِ السِّينِ فِي الْمَاضِي. وَالْفَتْحُ فِي السِّينِ هِيَ اللُّغَةُ الْفَاشِيَةُ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَوَجْهُ الْكَسْرِ قَوْلُ الْعَرَبِ: هُوَ عَسٍ بِذَلِكَ، مِثْلَ حَرٍ وَشَجٍ، وَقَدْ جَاءَ فَعَلَ وَفَعِلَ فِي نَحْوِ نَعَمَ وَنَعِمَ، وَكَذَلِكَ عَسَيْتُ وَعَسِيتُ، فَإِنْ أُسْنِدَ الْفِعْلُ إِلَى ظَاهِرٍ فَقِيَاسُ عَسَيْتُمْ أَنْ يُقَالَ: عَسِيَ زَيْدٌ، مِثْلَ رَضِيَ زَيْدٌ، فَإِنْ قِيلَ فَهُوَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ لَمْ يُقَلْ، فَسَائِغٌ أَنْ يُؤْخَذَ بِاللُّغَتَيْنِ فَتُسْتَعْمَلُ إِحْدَاهُمَا مَوْضِعَ الْأُخْرَى. وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ: هَلْ أَنْتُمْ قَرِيبٌ مِنَ التَّوَلِّي وَالْفِرَارِ؟. (إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا) قَالَ الزَّجَّاجُ:" أَلَّا تُقاتِلُوا" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، أَيْ هَلْ عَسَيْتُمْ مُقَاتَلَةً. (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قَالَ الْأَخْفَشُ:" أَنْ" زَائِدَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، أَيْ وَمَا مَنَعَنَا، كَمَا تَقُولُ: مَا لَكَ أَلَّا تُصَلِّيَ؟ أَيْ ما منعك. وقيل: المعنى وأى شي لَنَا فِي أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ! قال النحاس: وهذا أجودها." وأن" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. (وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا) تَعْلِيلٌ، وَكَذَلِكَ (وَأَبْنائِنا) أَيْ بِسَبَبِ ذَرَارِينَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ) أَيْ فُرِضَ عَلَيْهِمْ (الْقِتالُ تَوَلَّوْا) أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ لَمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ وَرَأَوُا الْحَقِيقَةَ وَرَجَعَتْ أَفْكَارُهُمْ إِلَى مباشرة الحرب وأن نفوسهم